تابوت من ذهب، وحين جنّ الليل، ونام، رآهم في منامه يقولون له: اتركنا كما كنّا في الكهف، ننام على التراب، حتى يوم البعث، فأمر الملك أن يوضعوا في تابوت من ساج، وأن لا يدخل عليهم أحد بعد ذلك، وأن يبنى على باب الكهف مسجد يصلّي فيه الناس، وجعل لهم ذلك اليوم عيدا عظيما. ذلك هو القصص الذي جعله النصارى دليلًا على البعث، أمّا القرآن الكريم، فإنه يقول: إن آياتي على البعث، وإعادة الأرواح بعد الموت ليست مقصورة على هذا القصص وحده، فآياتي عليه لا تعد ولا تحصى، فاقرؤوا صحائف هذا الوجود، ولا تقصروا أمركم على صحائف أهل الكهف والرقيم، واجعلوا أنظاركم تتجه إلى ما حواه الكون، لا إلى ما كتب في القصص، والحكايات، وإن كانت فيها الدلائل والآيات.
إجمال القرآن لقصص أصحاب الكهف
٩ - وقوله:{أَمْ حَسِبْتَ}{أم}: هي (١) المنقطعة المقدرة بـ {بل}، والهمزة التي للإنكار مع ملاحظة معنى النهي فيها عند الجمهور، وبـ {بل} وحدها عند بعضهم، والتّقدير: بل أحسبت، أو بل حسبت، ومعناها الانتقال من حديث إلى حديث آخر، لا لإبطال الأول والإضراب عنه كما هو معنى {بل} في الأصل، والمعنى أنّ القوم لما تعجّبوا من قصّة أصحاب الكهف، وسألوا عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الامتحان قال سبحانه: بل أظننت يا محمد {أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ} الكهف الغار الواسع في الجبل، فإن لم يكن واسعا فغار {وَ} أصحاب {الرَّقِيمِ} هو كلبهم بلغة الروم قال في «القاموس»: الرقيم - كأمير: قرية أصحاب الكهف، أو جبلهم، أو كلبهم، أو الوادي، أو الصّحراء، أو لوح رصاص أو حجري نقش ورقّم فيه نسبهم، وأسماؤهم، ودينهم ومم هربوا، وجعل على باب الكهف، فالرقيم عربيٌّ، فعيل بمعنى مفعول؛ أي: بل أظننت يا محمد أنهم {كانُوا} في بقائهم على الحياة مدة طويلة من الدهر {مِنْ آياتِنا}؛ أي: من بين آياتنا، ودلائل