للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {بِقَدَرِهَا} - بفتح الدال -، وقرأ الأشهب العقيلي وزيد بن علي وأبو عمرو في رواية شذوذًا بسكونها. وقرأ حمزة والكسائي وحفص وابن محيصن ومجاهد وطلحة ويحيى وأهل الكوفة: {يوقدون} بالياء على الغيبة؛ أي: يوقد الناس. وقرأ باقي السبعة والحسن وأبو جعفر والأعرج وشيبة {توقدون} بالتاء على الخطاب. وقرأ رؤبة شاذًا: {جفالًا} باللام بدل الهمزة من قولهم: جفلت الريح السحاب إذا حملته وفرقته، وعن أبي حاتم: لا يقرأ بقراءة رؤبة؛ لأنه كان يأكل الفأر بمعنى: أنه كان أعرابيًّا جافيًا. وعن أبي حاتم أيضًا: لا تعتبر قراءة الأعراب في القرآن.

١٨ - ولما فرغ سبحانه وتعالى (٢) من بيان شأن كل من الحق والباطل في الحال والمآل وأتم البيان .. شرع يبين حال أهلهما مآلًا ترغيبًا فيهما، وترهيبًا وتكملة لوسائل الدعوة إلى الحق والخير، وتنفيرًا عن سلوك طرق الباطل والشر، فقال: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ}؛ أي: للمؤمنين الذي أجابوا ربهم في الدنيا إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والتزام الشرائع الواردة على لسان رسوله {الْحُسْنَى}؛ أي: المثوبة الحسنة في الآخرة والمنفعة الدائمة الخالصة عن شوائب المضرة المقرونة بالإجلال؛ وهي الجنة، وسميت بذلك؛ لأنها في نهاية الحسن؛ أي: للذين أطاعوا الله ورسوله وانقادوا لأوامره وصدقوا ما أخبر به فيما نزل عليه من عند ربه المثوبة الحسنى الخالصة من الكدر والنصب؛ الدائمة المقترنة بالتعظيم والإجلال والآية بمعنى قوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} وقوله: {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨)}.

{وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ} سبحانه وتعالى دعوته إلى التوحيد؛ أي: والأشقياء الذين لم يجيبوا دعوته تعالى إلى التوحيد على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يطيعوه ولم يمتثلوا أوامره، ولم ينتهوا عما نهى عنه، وعاندوا الحق واستمروا على كفرهم وشركهم وما كانوا عليه. {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} من


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.