السد بقدرته وسلطانه أرضًا مستويةً، فسلط عليه منهم أو من غيرهم من يهدمه، ويسوي به الأرض {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي} بخروجهم وقت قرب الساعة {حَقًّا}؛ أي: صدقًا ثابتًا لا ريب في تحقيقه واقعًا لا محالة فيه البتة، لا يتخلف، أو كان وعده بالثواب والعقاب، وهذا آخر قول ذي القرنين.
وأخرج أحمد، والترمذي وحسنه، ابن ماجه، وابن أبي حاتم، وابن حبان، والحاكم وصححه ابن مردويه، والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض، يحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذين عليهم ارجعوا، فستفتحونه غدًا، فيعودون إليه أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس، حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم ارجعوا فستفتحونه غدًا - إن شاء الله تعالى - ويستثني فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء، فترجع مخضبةً بالدماء، فيقولون قهرنا من في الأرض، وعلونا من في السماء قسرًا وعلوًا، فيبعث الله تعالى عليهم نغفًا في أقفائهم، فيهلكون" قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فوالذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم".
وقد ثبت في "الصحيحين" من حديث زينب بنت جحش قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نومه وهو محمر الوجه، وهو يقول:"لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وحلَّق قلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال:"نعم إذا كثر الخبث" وأخرجا نحوه من حديث أبي هريرة مرفوعًا
٩٩ - قوله:{وَتَرَكْنَا ...} إلخ. من كلام الله سبحانه بعد انقضاء كلام ذي القرنين؛ أي: وصيَّرنا {بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}؛ أي (١): صيَّرنا بعض يأجوج ومأجوج يوم خروجهم من السد يموج ويختلط ببعضهم الآخر