للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد كان السحر في زمانهم غالبا كثيرا ظاهرا، ومن ثم خيل إلى كثير منهم أنّ ما جاء به موسى من قبيل ما تشعبذ به سحرتهم، فلهذا جمعوا له السحرة ليعارضوه بنظير ما أراهم من البينات، كما حكى الله عن فرعون حيث قال: {أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكانًا سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠)}.

{يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) أي: إن ترسلهم .. يأتوك هؤلاء الذين أرسلتهم بكل ساحر عليم؛ أي: بكل ماهر في السحر، كثير العلم بصناعته، فيكشفوا لك حقيقة ما جاء به موسى، فلا يفتن به أحد، وإنّما قالوا: {فِي الْمَدائِنِ}؛ لأن السحر من العلوم التي توجد في المدائن الجامعة المأهولة بدور العلم والصناعة؛ وإنّما نصحوه بإحضار السحرة الماهرين؛ لأنّهم الجديرون أن يأتوا موسى بمثل ما أتى به من الأمر العظيم.

وقرأ الجمهور (١): {فَماذا تَأْمُرُونَ} بفتح النون، على أنّ النون نون علامة الرفع هنا وفي الشعراء، وروى كردم عن نافع: بكسر النون فيهما، على أنّ النون نون الوقاية، حذفت بعدها ياء المتكلم.

١١١ - {قالُوا أَرْجِهْ} فيه (٢) ست قراءات، ثلاث بإثبات الهمزة التي بعد الجيم، وهي: كسر الهاء من غير إشباع لابن ذكوان عن أبي عامر، وضمها كذلك لأبي عمرو، وبإشباع حتى يتولد من الضمة واو على الأصل لابن كثير وهشام عن ابن عامر، وثلاث بحذف الهمزة، وهي: سكون الهاء وصلا ووقفا لعاصم وحمزة، وكسر الهاء من غير إشباع لقالون، وبه حتى يتولد منها ياء لنافع والكسائي وورش.

وقرأ الأخوان حمزة والكسائي (٣): {بكل سحار} هنا، وفي يونس والباقون


(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.
(٣) البحر المحيط.