يحصل به من الخصب في كل شيء من السهل والجبل والنبات والحيوان، وفي "فتح الرحمن": {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ}: وهي الشمس، وذاك تعديد نعمة غير الأولى. وذلك أن المطر إذا جاء بعد القنوط حسن موقعه، فإذا دام سئم، وتجيء الشمس بعده عظيمة الوقع {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {الْوَلِيُّ}؛ أي: السيد المالك، الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة {الْحَمِيدُ}؛ أي: المستحق للحمد على ذلك وغيره، لا غيرُه.
وقال بعضهم: قوله: {وَهُوَ الْوَلِيُّ}؛ أي: متولي المطر، ومتصرفه، يرسده مرة بعد مرة {الْحَمِيدُ}؛ أي: الأهل لأن يحمد على صنعه. إذ لا قبح فيه؛ لأنه بالحكمة. ودل الغيث على الاحتياج، وعند الاحتياج تتقوى العزيمة، والله تعالى يجيب دعوة المضطر. وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلًا قال لعمر رضي الله عنه: اشتد القحط وقنط الناس. فقال: مطروا إذن، ثم قرأ هذه الآية.
والمعنى: أي وهو الذي ينزل المطر من السماء، فيغيثهم به من بعد يأسهم من نزوله حين حاجتهم إليه، وينشر بركات الغيث، ومنافعه، وما يحصل به من الخصب، وهو الذي يتولى عباده بإحسانه، ويحمد على ما يوصله إليهم من رحمته.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: إن تحت العرش بحرًا، ينزل منه أرزاق الحيوانات، يوحي الله سبحانه إليه. فيمطر ما شاء من سماء إلى سماء، حتى ينتهي إلى سماء الدنيا ويوحي إلى السماء أن غربليه. فتغربله فليس من قطرة تقطر إلا ومعها ملك يضعها موضعها, ولا ينزل من السماء قطرة إلا بكيل معلوم، ووزن معلوم، إلا ما كان من يوم الطوفان من ماء، فإنه نزل بغير قيل ولا وزن.
وروي: أن الملائكة يعرفون عدد المطر، ومقداره في كل عام؛ لأنه لا يختلف فيه البلاد، وفي الحديث: كما من سنة بامطر من أخرى، ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي، حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار".
٢٩ - ثم أقام الأدلة على ألوهيته فقال:{وَمِنْ آيَاتِهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: