للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{رَبِّي} والاستدراك من قوله: {أَكَفَرْتَ} كأنّه قال لأخيه: أنت كافر بالله لكني مؤمن موحد، فوقع لكن بين جملتين مختلفتين في النفي والإثبات.

وقرأ الكوفيون (١)، وأبو عمرو وابن كثير، ونافع في رواية ورش، وقالون {لكن} بتشديد النون بغير ألف في الوصل، وبألف في الوقف، وأصله، ولكن أنا نقلت حركة الهمزة إلى نون لكن، وحذفت الهمزة فالتقى مثلان فأدغم أحدهما في الآخر، وقرأ ابن عامر، ونافع في رواية المستملى، وزيد بن عليّ، والحسن، والزهري، وأبو بحريّة، ويعقوب في رواية، وأبو عمرو في رواية، وكردم، وورش في رواية، وأبو جعفر بإثبات الألف وقفا، ووصلا، أما في الوقف، فظاهر، وأما في الوصل فبنو تميم يثبتونها فيه في الكلام، وغيرهم في الاضطرار، فجاء على لغة بني تميم، وعن أبي جعفر حذف الألف وصلا ووقفا، وذلك من رواية الهاشمي، ودل إثباتها في الوصل أيضًا على أن أصل ذلك: لكن أنا، ويدلّ على ذلك أيضًا قراءة فرقة {لكننا} بحذف الهمزة، وتخفيف النونين، وقرأ أبيّ والحسن {لكن أنا هو الله ربي} على الانفصال، وفكه من الإدغام، وتحقيق الهمز، وحكاها ابن عطية عن ابن مسعود، وحكاها الأهوازي عن الحسن.

وقد قرىء (٢) {لكن هو الله ربي} و {لكن أنا لا إله إلا هو ربي} {وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} فهو المعبود وحده لا شريك له، وفيه إيذان بأنّ كفره كان بطريق الإشراك؛ لأن صاحبه لما عجّز الله عن البعث، فقد جعله مساويا لخلقه في هذا العجز، وإذا أثبت المساواة، فقد أثبت الشريك،

٣٩ - ثم زاد في عظة صاحبه، فقال له: {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ}؛ أي: وهلّا حين دخلت بستانك، فلولا تحضيضية بمعنى هلا {قُلْتَ} عند إعجابك بها {ما شاءَ اللَّهُ} ما موصولة خبر مبتدأ، محذوف أي الأمر هو الذي شاء الله {لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ}؛ أي: لا قوّة لأحد على أمر من الأمور إلا بإعانة الله تعالى وإقداره.


(١) البحر المحيط.
(٢) البيضاوي.