للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مستعدين لتحقيق الحق، وإبعاد الشرك عن قلوبهم وقوله:

١٧٣ - {أَوْ تَقُولُوا} بالتاء أو الياء معطوف على {تَقُولُوا} الأول؛ أي: فعلنا ذلك الأخذ والميثاق كراهية أن تعذروا بالغفلة أو بقولكم: {إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ}؛ أي: إنّما أسس الإشراك آباؤنا من قبل زماننا {وَكُنَّا ذُرِّيَّةً} موجودين {مِنْ بَعْدِهِمْ} مقتدين بهم في الإشراك، جاهلين لا نهتدي إلى الحق، ولا نعرف الصواب، والفاء في قوله {أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} داخلة على محذوف تقديره: أتؤاخذنا يا مولانا فتهلكنا بالإشراك الذي أسسه لنا، واخترعه آباؤنا المبطلون؛ أي: الملتبسون بالباطل، الذي هو الإشراك، ولا ذنب لنا لجهلنا وعجزنا عن النظر واقتفائنا آثارهم، والاستفهام فيه للاستعطاف، وفيه معنى الإنكار ولفظة {أَوْ} مانعة خلو لا جمع، فقد

يعتذرون بمجموع الأمرين.

والمعنى: أي أو (١) تقولوا في ذلك اليوم: إن آباءنا اخترعوا الإشراك وسنوه من قبل زماننا، وكنا جاهلين ببطلان شركهم، فلم يسعنا إلا الاقتداء بهم، ولم نهتد إلى التوحيد، أتؤاخذنا فتهلكنا اليوم بالعذاب بما فعله المبطلون من آبائنا المضلين، فتجعل عذابنا كعذابهم؟

والخلاصة (٢): أنّ الله لا يقبل منهم الاعتذار بتقليد الآباء والأجداد، إذ التقليد عند قيام الدلائل، والقدرة على الاستدلال بها، مما لا يركن إليه ولا ينبغي لعاقل أن يلجأ إليه، كما أنّ الاعتذار بالجهل بعدما أقام عليهم من البينات الفطرية والعقلية مما لا يقبل.

والحاصل: أنّ الله سبحانه وتعالى (٣) بين في هذه الآية الحكمة التي لأجلها أخرجهم من ظهر آدم، وأشهدهم على أنفسهم، وأنّه فعل ذلك لئلا يقولوا هذه المقالة يوم القيامة، ويعتلوا بهذه العلة الباطلة، ويعتذروا بهذه المعذرة الساقطة.

١٧٤ - {وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ}؛ أي (٤): ومثل هذا التفصيل الذي فصلناه في


(١) المراغي.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.
(٤) البحر المحيط.