{يُضَاهِئُونَ}؛ أي: يشابهون في قولهم ذلك {قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ}؛ أي: من قبلهم، وهم مشركو العرب الذين قالوا مثل هذا القول، إذ قالوا: الملائكة بنات الله.
وفي معنى مضاهاتهم لقول الذين كفروا من قبل أقوال لأهل العلم:
الأول: أنهم شابهوا بهذه المقالة عبدة الأوثان في قولهم: واللات، والعزى، ومناة، بنات الله.
القول الثاني: أنهم شابهوا قول من يقول من الكافرين أن الملائكة بنات الله.
الثالث: أنهم شابهوا أسلافهم القائلين بأن عزيرًا ابن الله، وأن المسيح ابن الله.
وقوله:{قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} تعالى دعاء عليهم بالهلاك؛ لأن من قاتله الله .. هلك، وقيل: هو تعجب من شناعة قولهم، وقيل، معنى قاتلهم الله: لعنهم الله تعالى، وطردهم من رحمته {أَنَّى يُؤْفَكُونَ}؛ أي: كيف يصرفون عن توحيد الله تعالى وتنزيهه عما لا يليق به، وبه تجزم كل العقول، وبلغه عن الله كل رسول إلى قول لا يقبله عقل، فما المسيح وعزير إلا مخلوقان من مخلوقات الله، الذي خلق هذا الكون العظيم، ودبر أمره، ولا ينبغي لواحد من هذه المخلوقات أن يجعل لخالقه ومدبر شؤونه ولدًا من جنسه، مع علمه بأنه كان يأكل ويشرب ويتعب ويتألم {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون}.
وقرأ عاصم والكسائي:{عُزَيْرٌ} منونًا على أنه عربي، وباقي السبعة: بغير تنوين، ممنوع الصرف، للعجمة والعلمية، كعاذر وعيذار وعزرائيل، وعلى كلتا القراءتين فـ {ابن} خبر، وقرأ عاصم، وابن مصرف {يضاهؤن}، بالهمز، وباقي السبعة: بغير همز، ثم فصل قوله من قبل {يضاهؤن} قول الذين كفروا من قبل بقوله:
٣١ - {اتَّخَذُوا}؛ أي: اتخذ كل من اليهود والنصارى {أَحْبَارَهُمْ}؛ أي: علماءهم {وَرُهْبَانَهُمْ}؛ أي عبادهم {أَرْبَابًا}؛ أي آلهة {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى، حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله، كالربا والرشوة والخمر والخنزير، وتحريم ما أحل الله تعالى، كالسوائب والبحائر، أو في السجود لهم