للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى، واجتناب معاصيه {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} من لحوق مكروه {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} من فوات محبوب. والمراد (١): دوام نفي الحزن؛ أي: إنّ الذين جمعوا بين التوحيد في هو خلاصة العلم، والاستقامة في أمور الدين، التي هي منتهى العمل، و {ثُمَّ} في قوله: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: للدلالة على تراخي رتبة العمل، وتوقّف الاهتداء به على التوحيد. قال ابن طاهر: استقاموا على ما سبق منهم من الإقرار بالتوحيد، فلم يروا سواه منعمًا، ولم يشكروا سواه في حال، ولم يرجعوا إلى غيره، وثبتوا معه على منهاج الاستقامة. و {الفاء} في قوله: {فَلَا خَوْفٌ}: زائدة في خبر الموصول جوازًا، لما فيه من معنى الشرط.

والمعنى (٢): أي إنّ الذين جمعوا بين التوحيد والاستقامة على منهج الشريعة، لا يخافون من وقوع مكروه بهم في المستقبل، ولا يحزنون من فوات محبوب في الماضي؛ أي: فلا خوف عليهم من فزع يوم القيامة وأهواله، ولا هم يحزنون على ما خلّفوا وراءهم بعد مماتهم

١٤ - {أُولَئِكَ} المؤمنون الموحدون المستقيمون على أمر الله هم {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}؛ أي: ملازموها حالة كونهم {خَالِدِينَ}؛ أي: ماكثين {فِيهَا} مكثًا مؤبّدًا، فهو حال من الضمير المستكن في {أَصْحَابُ} يجزون الجنة {جَزَاءً} وكفاءَ {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} في الدنيا من الأعمال الصالحة، فـ {جَزَاءً}: منصوب إما بعامل مقدر كما قدّرنا، أو بمعنى ما تقدم، فإنّ قوله تعالى: {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}. في معنى جازيناهم.

وفي هذه الآية من الترغيب أمر عظيم، فإنّ نفي الخوف والحزن على الدوام، والاستقرار في الجنة على الأبد، مما لا تطلب الأنفس سواه، ولا تتشوف إلى ما عداه،

١٥ - ولما كان رضا الله في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما كما ورد في الحديث .. حث الله سبحانه عليه، بقوله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ}؛ أي: عهدنا إليه، وأمرناه بأن يحسن {بِوَالِدَيْهِ}؛ أي: بأبويه وإن عليا {إِحْسَانًا} فحذف الفعل واقتصر على المصدر دالًّا عليه.


(١) روح البيان.
(٢) التفسير المنير.