للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بغيرها - على الخلاف السابق - وقتلوا نبيهم - واختار ابن جرير أنهم أصحاب الأخدود الذين ذكروا في سورة البروج، وسيأتي ذكر قصصهم - وأهلكنا أممًا كثيرة بين أولئك المذكورين.

٣٩ - ثم ذكر أنه أنذر أولئك المكذبين، وحذرهم قبل أن يوقع بهم، فقال: {وَكُلًّا}: منصوب بمضمرٍ يفسره ما بعده؛ أي: ذكرنا وأنذرنا وخوفنا كل واحد من الأمم المذكورين المهلكين {ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ}؛ أي: بينا له الأشباه والقصص العجيبة الغريبة التي تشبه الأمثال في الغرابة، الزاجرة عما هم عليه من الكفر والمعاصي بواسطة الرسل {وَكُلًّا}؛ أي: وكل واحد منهم بعد التكذيب والإصرار {تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا}؛ أي: أهلكنا إهلاكًا عجيبًا هائلًا. والتتبير (١): الإهلاك بالعذاب، قال الزجاج: كل شيء كسرته وفتته فقد تبرته. قال المؤرخ والأخفش: معنى: {تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} دمرنا تدميرًا، أبدلت التاء والباء من الدال والميم.

٤٠ - ثم ذكر مشركي مكة بما يرونه من العبر في حلهم وترحالهم، وما يشاهدونه مما حل بأولئك الأمم المكذبة من المثلات، فقال: {وَلَقَدْ أَتَوْا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد أتى قوم قريش في متاجرهم إلى الشام ومروا {عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} وهي (٢) قرية سدوم - بالدال المهملة، وقيل: بالذال المعجمة - وهي عظمى قرى قوم لوط، أمطرت عليها الحجارة، وأهلكت، فإن أهلها كانوا يعملون العمل الخبيث. واعلم أن قرى قوم لوط خمس، ما نجا منها إلا واحدة؛ وهي أصغرها؛ لأن أهلها كانوا لا يعملون العمل الخبيث، وسدوم من التي أهلكت. وتخصيصها هنا؛ لكونها في ممر تجار قريش، وكانوا في مرورهم بها يرونها مؤتفكة ولا يعتبرون. وانتصاب (٣) {مطر} على أنه مصدر مؤكد بحذف الزوائد، كما قيل في قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) أي:


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.