هَاهُنَا} فحفظتها، فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك قوله:{ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا} إلى قوله: {مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} لقول معتب بن قشير قال: {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ} حتى بلغ {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
التفسير وأوجه القراءة
١٤٩ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله، وصدقوا بما جاء به محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - {إِنْ تُطِيعُوا}، وتمتثلوا {الَّذِينَ كَفَرُوا}، وجحدوا، نبوة نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلم - فيما يأمرونكم به، وتقبلوا رأيهم، ونصيحتهم فيما يزعمون أنهم لكم فيه ناصحون، حيث قالوا لكم يوم أحد: إرجعوا إلى دين آبائكم، ولو كان محمد نبيًّا .. ما قتل {يَرُدُّوكُمْ}؛ أي: يرجعوكم عما كنتم عليه من الإيمان بالله ورسوله {عَلَى أَعْقَابِكُمْ}، وأدباركم؛ أي: على ما كنتم عليه أولًا من الكفر والشرك بالله: أي: يحملوكم على الردة بعد الإيمان، والكفر بالله وآياته {فَتَنْقَلِبُوا}؛ أي: ترجعوا {خَاسِرِينَ} في الدنيا والآخرة، وتكونوا مغبونين في الدين والدنيا، أما خسران الدنيا فبخضوعكم لسلطانهم، وذلتكم بين يديهم وحرمانكم من السعادة، والملك والتمكين في الأرض كما وعد الله المؤمنين الصادقين، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} فإن أشقَّ الأشياء على العقلاء في الدنيا الانقياد إلى العدو، وإظهار الحاجة إليهم.
وأما خُسران الآخرة: فبالحرمان من الثواب المؤيد، والوقوع في العذاب المخلد.
والمراد بالذين كفروا المنافقون كما تقدم. وقال السديُّ وغيره: المراد بهم أبو سفيان بن حرب؛ لأنه شجرة الكفر، وكبير القوم في ذلك اليوم. ومعنى الآية حينئذ: إن تخضعوا لأبي سفيان وأشياعه، وتستأمنوهم يردوكم إلى دينهم. وقيل: المراد عبد الله بن أبي، وأتباعه من المنافقين؛ لأنهم قالوا: لو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا .. ما وقعت له هذه الواقعة، فارجعوا إلى دينكم الذي كنتم فيه. وقال ابن عباس: المراد بهم اليهود كعبٌ وأصحابه، والمراد بالذين آمنوا حذيفة وعمار.