للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلت: قال هنا: {أنجينا} بصيغة أفعل موافقة لما بعده، حيث قال هنا فيما بعد: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ وَأَمْطَرْنَا} وقال هناك: {نجَّينا} بصيغة فعل المضعف موافقة لما قبله حيث قال قبله: {وَزَينَا} وموافقة لما بعده أيضًا، حيث قال بعده: {وَقَيَّضْنَا} والله أعلم بأسرار كتابه.

قصة لوط عليه السلام

٥٤ - وقوله: {وَلُوطًا} منصوب بفعل مضمر معطوف على {أَرْسَلْنَا} في صدر قصة صالح. وقوله: {إِذْ قَالَ} ظرف للإرسال المحذوف، على أن المراد به أمر ممتد وقع فيه الإرسال، وما جرى بينه وبين قومه من الأفعال والأقوال. والمعنى: وعزتي وجلالي لقد أرسلنا لوطًا بن هاران وقت قوله: {لِقَوْمِهِ} الساكنين معه في قرية سدوم على وجه الإنكار عليهم والتوبيخ لهم {أَتَأْتُونَ}؛ أي: هل تفعلون الفعلة {الْفَاحِشَةَ}؛ أي: المتناهية في القبح. والمراد بها هنا اللواطة، والإتيان في الأدبار. وقال بعضهم: انتصاب {لُوطًا} بإضمار أذكر و {إِذْ} بدل منه؛ أي: واذكر لوطًا إذ قال لقومه على وجه الإنكار عليهم: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}؛ إما من بصر القلب وهو العلم. والمعنى (١): أي: تأتونها، والحال أنكم تعلمون فحشا علمًا يقينيًا، وتعاطي القبيح من العالم بقبحه أقبح من غيره، ولذا قيل: فساد كبير جاهل متنسك وعالم متهتك، أو من نظر العين؛ أي: وأنتم تبصرونها بعضكم من بعض؛ لما أنهم كانوا يعلنون بها، ولا يستترون حال فعل الفاحشة عتوًا وتمردًا، فيكون أفحش. وجملة قوله: {وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} في محل النصب على الحال متضمنة لتأكيد الإنكار.

والمعنى (٢): واذكر يا محمد لقومك قصة لوط إذ قال لقومه منذرًا ومحذِّرًا لهم: إنكم لتفعلون فاحشة لم يسبقكم بها أحد من بني آدم مع علمكم بقبحها لدى العقول والشرائع، واقتراف القبائح ممن يعلم قبحها أشنع.


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.