٢ - المسالمون الذين رجحوا أن يكونوا على الحياد، لا مع المشركين ولا مع المؤمنين.
٣ - الموغلون في الضلال والشرك، والمحافظون على القديم وهم المحاربون.
{فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ}؛ أي: فإن ترك هؤلاء المعاهدون من الفريقين إياكم، وابتعدوا عن قتالكم، ولم يتعرضوا لكم {فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ} مع قومهم {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ}؛ أي: الصلح والأمان، وأعطوا لكم زمام أمرهم بالانقياد للصلح والأمان، وقرأ الجحدري {السلم} بسكون اللام، وقرأ الحسن: بكسر السين وسكون اللام، {فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}؛ أي: ما جعل لكم سبيلًا وطريقًا تسلكونها للاعتداء عليهم بالأسر والقتل، إذ من قواعد ديننا أن لا نعتدي إلا على من يعتدي علينا، ولا نقاتل إلا من قاتلنا.
قال بعض المفسرين (١): هذا منسوخ بآية السيف، وهي قوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وقال بعضهم: هي غير منسوخة؛ لأنا إذا حملناها على المعاهدين، فكيف يمكن أن يقال إنها منسوخة؟ ثم بين تعالى جماعة آخرين وبالغ في ذمهم فقال:
٩١ - {سَتَجِدُونَ} أيها المؤمنون عن قريب قومًا {آخَرِينَ} من المنافقين غير من سبق {يُرِيدُونَ أَنْ يَأمَنُوكُمْ}؛ أي: يأمنوا من قتالكم بإظهار الإِسلام عندكم {وَيَأمَنُوا قَوْمَهُمْ}؛ أي: من بأس قومهم بإظهار الكفر إذا رجعوا إليهم، فكانوا مذبذبين بين المؤمنين والكافرين، فهم قد غلت عليهم أرواحهم، ورخصت عليهم عقولهم، يظهرون لكل من الفئتين أنهم منهم أو معهم، {كُلَّ مَا رُدُّوا}؛ أي: كلما دعوا {إِلَى الْفِتْنَةِ}؛ أي: إلى الشرك وعداوة المؤمنين .. {أُرْكِسُوا فِيهَا}؛ أي: قلبوا في الفتنة أقبح قلب، وكبوا فيها على وجوههم أشد انكباب، وأوقعوا فيها أبلغ إيقاع، وكانوا فيها شرًّا من كل عدو شرير، وهذا استعارة لشدة إصرارهم على الكفر وعدواة المسلمين؛ لأن من وقع