للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وطلحة والأعمش بياء الغيبة، والفعلان مسندان للجمع، وحميد بن قيس بياء الغيبة في الأول مسندًا للجمع؛ أي: {ليبيتنه} أي: قوم منا، وبالنون في الثاني؛ أي: جميعنا يقول: لوليه، والبيات: مباغتة العدو.

وقرأ الجمهور: {مَهْلِكَ} - بضم الميم وفتح اللام - من أهلك الرباعي. وقرأ حفص والمفضل: {مَهْلِكَ} بفتح الميم وكسر اللام، وأبو بكر وأبان عن عاصم بفتهما، فأما القراءة الأولى فتحتمل المصدر والزمان والمكان؛ أي: ما شهدنا إهلاك أهله، أو زمان إهلاكهم، أو مكان إهلاكهم. ويلزم من هذين أنهم إذا لم يشهدوا الزمان، ولا المكان أن لا يشهدوا الإهلاك. وأما القراءة الثانية فالقياس يقتضي أن يكون للزمان والمكان؛ أي: ما شهدنا زمان هلاكهم ولا مكانه. والثالثة يقتضي القياس أن يكون مصدرًا؛ أي: ما شهدنا هلاكه.

والمعنى: أنهم توافقوا (١) وحلفوا بالله لندخلن على صالح ومن آمن به، وهم أربعة آلاف ليلًا بغتة، ونقتلهم جميعًا، ثم لنقولن لولي دم صالح: ما حضرنا قتلهم أو وقته أو مكانه، فلا ندري من قتلهم وإنا لصادقون في إنكارنا لقتلهم؛ أي: لو اتهمنا قوم صالح حلفنا لهم أنا لم نحضر.

قال الزجاج: كان هؤلاء النفر تحالفوا أن يبيتوا صالحًا وأهله، ثم ينكروا عند أوليائه أنهم ما فعلوا ذلك ولا رأوه، وكان هذا مكرًا منهم،

٥٠ - ومن ثم قال سبحانه محذرًا لهم ولأمثالهم: {وَمَكَرُوا مَكْرًا}؛ أي (٢): غدروا غدرًا بهذه المحالفة حين قصدوا تبييت صالح وأهله {وَمَكَرْنَا مَكْرًا}؛ أي: جازيناهم على مكرهم بتعجيل العذاب لهم {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} بمكرنا؛ أي: وغدر هؤلاء التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض بصالح؛ إذ ساروا إليه ليلًا ليقتلوه وأهله وهو لا يشعر بذلك فأخذناهم بعقوبتنا، وعجلنا لهم العذاب من حيث لا يشعرون بمكر الله بهم، والمكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة.

٥١ - {فَانْظُرْ} أي: فكر يا محمد في أنه {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ}؛


(١) المراح.
(٢) الخازن.