حتى تكفر بالله تعالى، فامتنعت من الطعام والشراب حتى جعلوا يفتحون فاها بالعصا، ونزلت هذه الآية:{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا}.
وقال الحسن البصري: هي مرسلة نزلت على العموم، وهذا هو الأولى؛ لأنّ حمل اللفظ على العموم منذ بداية نزول الوحي أوقع وأفيد وأشمل، وإن كانت العبرة دائمًا لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
قوله تعالى:{وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ ...} الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي قال: نزلت هذه الآية: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا ...} في عبد الرحمن بن أبي بكر، قال لأبويه، وكانا قد أسلما وأبى هو، فكانا يأمرانه بالإِسلام، فيردّ عليهما ويكذبهما ويقول: فأين فلان وأين فلان؟ يعني: مشايخ قريش ممن قد مات، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه، فنزلت توبته في هذه الآية:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ...} الآية. وأخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس مثله، لكن أخرج البخاري من طريق يوسف بن ماهان قال: قال مروان بن الحكم في عبد الرحمن بن أبي بكر: إنَّ هذا هو في أنزل الله فيه: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن، إلا أنّ الله أنزل عذري.
وأخرج عبد الرزاق من طريق مكيّ أنه سمع عائشة تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، وقالت: إنما نزلت في فلان، وسمَّت رجلًا. وقال الحافظ بن حجر: ونفي عائشة أصح إسنادًا، وأولى بالقبول. وقال ابن كثير: ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما .. فقوله، ضعيفٌ؛ لأنّ عبد الرحمن أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه، وكان من خيار أهل زمانه. قال القرطبي: الصحيح أن الآية نزلت في عبد كافر عاق لوالديه.
التفسير وأوجه القراءة
١٣ - {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وحده {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} على أداء فرائض الله