للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل معناه: أسرعوا، وقيل: من أفضى إذا خرج إلى الفضاء؛ أي: فأصحروا به إلي وأبرزوه.

وهذا الكلام (١) من نوح عليه السلام على طريق التعجيز لهم، أخبر الله عز وجل عن نوح عليه السلام: أنه كان قد بلغ الغاية في التوكل على الله، وأنه كان وائقًا بنصره إياه، غير خائف من كيدهم، علمًا منه بأنهم وآلهتهم ليس لهم نفع ولا ضر، وأن مكرهم لا يصل إليه.

٧٢ - ثم بين لهم أن كل ما أتى به إليهم، من الإعذار، والإنذار، وتبليغ الشريعة عن الله، ليس هو لطمع دنيوي، ولا لغرض خسيس، فقال: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}؛ أي: فإن أعرضتم عن العمل بنصحي لكم، وتذكيري إياكم، أي: إن دمتم على إعراضكم بعد دعائي إياكم، وتبليغ رسالة ربي إليكم {فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ}؛ أي: فلن يضرني ذلك؛ لأني لم أسألكم على ما دعوتكم إليه أجرًا ولا جزاءً تؤدونه إليّ حتى تتهموني فيما جئت به، فجواب الشرط محذوف، كما في "الشهاب" والفاء في {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ} لترتيب ما بعدها على ما قبلها، والفاء في {فَمَا سَأَلْتُكُمْ} جزائية {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى، أي: ما جزاء عملي وثواب دعوتي، إلا على ربي الذي أرسلني إليكم، فهو يوفيني إياه، آمنتم أو توليتم {وَأُمِرْتُ} من جهة ربي {أَنْ أَكُونَ} بالفعل {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}؛ أي: من المنقادين لما أدعوكم إليه، الذين يجعلون أعمالهم خالصة لله سبحانه وتعالى، لا يأخذون عليها أجرًا، ولا يطمعون في عاجل، أو من (٢) المسلمين لكل ما يصعب من البلاء؛ أي: من المستسلمين لأمر الله، ولكل مكروه يصل إليّ منكم، لأجل هذه الدعوة. قرأ (٣) أل المدينة وأبو عمرو وابن عامر وحفص، بتحريك الياء من أجري. وقرأ الباقون، بالسكون.

٧٣ - {فَكَذَّبُوهُ}؛ أي: فكذب نوحًا قومه؛ أي: استمروا على تكذيبه وأصروا


(١) الخازن.
(٢) أبو السعود.
(٣) الشوكاني.