من أموالهم في سبيل الله، ويوسوس لهم بأن أموالهم تنفد أو تقل، ويصبحون فقراء أذلاء، ويعدهم الغنى والثروة حين الإغراء بالقمار، ويعد من يغريه بالتعصب لرأيه وإيذاء مخالفه فيه من أهل دينه للجاه والشهرة وبعد الصيت {وَيُمَنِّيهِمْ}؛ أي: يلقي في قلوبهم أنه ستطول أعمارهم، وينالون من الدنيا آمالهم ومقاصدهم، ويوقع في قلوبهم أن الدنيا دول، فربما تيسرت لهم كما تيسرت لغيرهم، ويعدهم أيضًا بأن لا قيامة ولا جزاء، فاجتهدوا في استيفاء اللذات الدنيوية.
ويدخل في وعد الشيطان وتمنيته ما يكون من أوليائه من الإنس، وهم قرناء السوء، الذين يزينون للناس الضلال والمعاصي، ويمدونهم في الطغيان، وينشرون مذاهبهم الفاسدة، وآراءهم الضالة التي يبتغون بها الرفعة والجاه والمال، وهؤلاء يوجدون في كل زمان ومكان، {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}؛ أي: وما يعدهم الشيطان إلا باطلًا يغترون به، ولا يملكون منه ما يحبون، فيزين لهم النفع في بعض الأشياء، وهي مشتملة على كثير من الآلام والمضار، فالزاني أو المقامر أو شارب الخمر يخيل إليه أنه يتمتع باللذات، بينما هو في الحقيقة يتمتع بلذائذ وقتية، تعقبها آلام دنيوية طويلة المدى وخيمة العواقب، إلى عذاب أخروي لا يعلم كنهه إلا من أحاط بكل شيء علمًا. وقرأ الأعمش:{وما يعدهم} بسكون الدال، خفف لتوالي الحركات.
١٢١ - وبعد أن بين حال أولياء الشيطان .. ذكر عاقبتهم فقال:{أُولَئِكَ} الذين يعبث بهم الشيطان بوسوسته، أو بإغواء دعاة الباطل من أوليائه {مَأوَاهُمْ}؛ أي: مسكنهم ومنازلهم في الآخرة ومرجعهم ومصيرهم {جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا}؛ أي: عن جهنم {مَحِيصًا}؛ أي: معدلًا ومهربًا يفرون إليه، إذ هم بطبيعتهم ينجذبون إليها، ويتهافتون عليها تهافت الفراش على النار، فتصلى وجوههم وجنوبهم وظهورهم.
١٢٢ - ثم بعدئذ ذكر عاقبة من لا يستجيب دعوة الشيطان وأولياءه، ولا يصيخ لأمره ونهيه فقال:{وَالَّذِينَ آمَنُوا} باللهِ ورسوله {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}؛ أي: وامتثلوا المأمورات واجتنبوا المنهيات {سَنُدْخِلُهُمْ} يوم القيامة {جَنَّاتٍ}؛