للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء، وبعد أن نفى ما نفى من الحجج .. أضرب عن ذلك، وبين أن الذي حملهم على الشرك هو تقرير السلف للخلف، وإضلال الرؤساء للأتباع، وقولهم لهم: إن هؤلاء شفعاء يشفعون لكم عند الله إذا أنتم عبدتموهم، وإلى هذا أشار بقوله: {بَلْ إِنْ} نافية؛ أي: ما {يَعِدُ الظَّالِمُونَ} أنفسهم بالشرك {بَعْضُهُمْ} وهم الرؤساء والأشراف، {بَعْضًا}؛ أي: لبعض، وهم الأتباع، {إِلَّا غُرُورًا}؛ أي: إلا باطلًا لا أصل له، كما يفعله الرؤساء والقادة من المواعيد لأتباعهم؛ أي (١): ما يعد بعضهم بعضًا إلا غرورًا يغرونهم به ويزيّنونه لهم، وهو الأباطيل التي تغرّ، ولا حقيقة لها، وذلك قولهم: إن هذا الآلهة تنفعهم وتقرّبهم إلى الله، وتشفع لهم عنده، وهو تغرير محض، يسفّه بذلك آراءهم، وينبئهم على ذميم أحوالهم وأفعالهم، وخسّة هممهم، ونقصان عقولهم بإعراضهم عن الله، وإقبالهم على ما سواه؛ أي (٢): بل ما يعد الأسلاف للأخلاف، والرؤساء للسفلة في الدنيا بأن شركاءهم تقربهم إلى الله تعالى، وبأنها تشفع لهم في الآخرة، فتضر وتنفع، إلا باطلًا، وقيل: إن الشياطين تعد المشركين بذلك، وقيل: المراد بالوعد الذي يعد بعضهم بعضًا هو أنهم ينصرون على المسلمين ويغلبونهم، فعلى العاقل أن يصحّح التوحيد ويحقّقه، ولا يرى الفاعل والخالق إلا الله سبحانه وتعالى،

٤١ - ولما أبان حقارة الأصنام .. أرشد إلى عظمته تعالى فقال: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى: {يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}؛ أي: يحفظهما ويمنعهما من {أَنْ تَزُولَا} وتسقطا وتقعا.

أي (٣): إن الله سبحانه يمنع السموات أن تضطرب وتتحرَّك وتنتقل عن أماكنها، فترتفع أو تستخفض، ويمنع الأرض من مثل ذلك، ويحفظهما برباطٍ خاص، وهو ما يسمّيه العلماء نظام الجاذبية، فجميع العوالم من الأرض والقمر والشمس والسيارات الأخرى تجري في مدارات خاصة بهذا النظام الذي وضع لها، ولولا ذلك لتحطّمت هذه الكرات المشاهدة، وزالت عن أماكنها, لكنها به ثبتت في مواضعها، واستقرّت في مداراتها.

{وَلَئِنْ زَالَتَا}؛ أي: وعزتي وجلالي لئن زالت السموات والأرض عن مقرّهما


(١) الشوكاني.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.