للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاستعمل الإراءة في الإخبار، والمراد من الاستفهام في قوله: {مَاذَا خَلَقُوا} الإنكار؛ أي: نفي ذلك، وقيل: إن الفعلان، وهما: أرأيتم وأروني من باب التنازع، وقد أعمل الثاني على ما هو اختيار البصريين، فإن: أرأيتم يطلب: ماذا خلقوا مفعولًا ثانيًا، وأروني يطلبه أيضًا معلقًا له.

والمعنى (١): أي أخبروني أيها المشركون عن شركائكم الذين تدعونهم من دون الله من الأصنام والأوثان، أروني أيَّ جزءٍ من الأرض، أو من الأناس والحيوان خلقوا حتى يستحقّوا الإلهية، والشركة.

والخلاصة: أعلمتم هذه الآلهة ما هي، وعلى أيِّ حال هي، فإن كنتم تعلمون أنها عاجزة، فكيف تعبدونها؟ وإن كنتم توهّمتم فيها القدرة، فأروني أثرها؟

{أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}؛ أي: بل ألهم شركة مع الله في خلق السمموات أو ملكها أو التصرف فيها؛ ليستحقّوا بذلك شركة ذاتية في الألوهية، {أَمْ آتَيْنَاهُمْ}؛ أي: بل أعطينا الشركاء وأنزلنا عليهم، ويجوز أن يكون الضمير للمشركين، ويكون فيه التفات من الخطاب إلى الغيبة. {كِتَابًا} ينطق بأنا اتخذناهم شركاء، {فَهُمْ}؛ أي: الشركاء أو المشركون، {عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ}؛ أي: على حجة ظاهرة واضحة من ذلك الكتاب بأنّ لهم شركة جعلية.

وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة وأبو عمرو وابن كثير وحفص وأبان عن عاصم (٢): {عَلَى بَيِّنَةٍ} بالإفراد، وباقي السبعة بالجمع، قال مقاتل: يقول تعالى: هل أعطينا كفار مكة كتابًا فهم على بيان منه بأنّ مع الله شريكًا.

وخلاصة ما تقدم (٣): أخبروني عمّن تعبدونهم من دون الله هل استبدُّوا بخلق شيء من الأرض حتى يعبدوا كعبادة الله، أو لهم شركة معه في خلق السموات، وآتيناهم برهانًا بهذه الشركة.

والخلاصة: أنّ عبادة هؤلاء؛ إما بدليل من العقل، ولا عقل يحكم بعبادة من لا يخلق شيئًا، وإما بدليل من النقل، وإنّا لم نؤت المشركين كتابًا فيه الأمر بعبادة


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.