للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال في "الإرشاد": لعل المراد به (١) حمل النساء والولدان عليها بالهودج، وهو السر في فصله عن الركوب، والجمع بينها وبين الفلك؛ لما بينهما من المناسبة التامة، حتى سمّيت سفائن البر؛ وإنما قال: {وَعَلَى الْفُلْكِ}، ولم يقل: في الفلك، كما قال {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا} للمزاوجة؛ أي: ليزاوج ويطابق قوله: {وَعَلَيْهَا} فإن محمولات الأنعام مستعلية عليها، فذكرت كلمة الاستعلاء في الفلك أيضًا للمشاكلة. انتهى.

وفي "المدارك": الإيعاء ومعنى الاستعلاء كلاهما مستقيم؛ لأنّ الفلك وعاء لمن يكون فيها حمولة له، يستعليها، فلما صحّ المعنيان. صحت العبارتان. انتهى.

وقال بعض المفسرين: المراد (٢) بالأنعام في هذا المقام: الأزواج الثمانية. كما ذكرناه أولًا: وهي الإبل والبقر والضان والمعز باعتبار ذكورتها وأنوثتها. فمعنى الركوب والأكل منها: تعلقهما بالكل، لكن لا على أنّ كلًّا منهما يجوز تعلقه بكل منها، ولا على أنّ كلًّا منهما مختص ببعض معين منها، بحيث لا يجوز تعلقه بما تعلق به الآخر، بل على أن بعضها يتعلق به الأكل فقط كالغنم، وبعضها يتعلق به كلاهما كالإبل والبقر، والمنافع تعمُّ الكل، وبلوغ الحاجة عليها يعمّ البقر. انتهى.

٨١ - ثمّ ذكر أنّ هناك آيات من آياته الباهرة، التي لا مجال لإنكارها، فقال: {وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ}؛ أي: يبين لكم سبحانه دلائله الدالة على كمال قدرته ووفور رحمته {فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ} فإن كلًّا منها من الظهور بحيث لا يكاد يتجرأُ على إنكارها من له عقل في الجملة؛ أي: فإنها كلها من الظهور وعدم الخفاء، بحيث لا ينكرها منكر، ولا يجحدها جاحد، وفيه تقريع لهم وتوبيخ عظيم.

والمعنى (٣): أَيْ أَيَّ آيَةٍ من تلك الآيات تنكرون، فإنها لظهورها لا تقبل الإنكار، وإضافة (٤) الآيات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة، وتهويل إنكارها كما سيأتي.

فإن قلت: كان الظاهر أن يقال: فأية آيات الله بتاء التأنيث، لكون {أيّ}


(١) أبو السعود.
(٢) روح البيان.
(٣) البيضاوي.
(٤) روح البيان.