وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"يا أيها الناس كتب الله عليكم الحج" فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال:"أما إني لو قلت: نعم، لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم، اسكتوا عما سكت عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم"، فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا ...} الآية. أخرجه الطبري بسند رجاله رجال الصحيح. فهذه ثلاثة أسباب قال الحافظ في "الفتح" / ج ٩ ص ٣٥١/: لا مانع أن يكون الجميع سبب نزولها، والله أعلم.
وقال في/ ج ٩ ص ٣٥٢/: والحاصل أنها نزلت بسبب كثرة المسائل؛ إما على سبيل الاستهزاء والامتحان، وإما على سبيل التعنت عن الشيء الذي لو لم يسأل عنه لكان على الإباحة، لكن الأول - عبد الله بن حذافة - لم يسأل استهزاءً.
قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ} إلى قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} سبب نزولها: ما أخرجه البخاري/ ج ٦ ص ٣٣٩/ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتركته .. فقدوا جامًا - الإناء - من فضة، مخوصًا من ذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا: لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الحديث أخرجه الترمذي/ ج ٤ ص ١٠١/ وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه أبو داود/ ج ٣ ص ٣٣٧/، وابن جرير/ ج ٧ ص ١١٥/، والبيهقي/ ج ١٠ ص ١٦٥/.
التفسير وأوجه القراءة
١٠١ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم - {لَا تَسْأَلُوا} ولا تبحثوا {عَنْ} أحكام {أَشْيَاءَ} من أمور الدين ودقائق تكاليفها، أو عن حقائق أشياء من