للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عدم الضعف في أفعاله، والقدرة صفة ثابتة لله تعالى، أثرها عدم العجز عن إيجاد أي ممكن كان وإعدامه {الْعَزِيزُ}؛ أي: الغالب الذي يغلب كل شيء، ولا يغلبه شيء، وهو يلائم تخصيص من يشاء بما شاء.

والمعنى (١): أنه تعالى بر بعباده، يرسل إليهم أعظم المنافع، ويدفع عنهم أكبر البلاء، فيرزق البر والفاجر، لا ينسى أحدًا منهم، ويوسع الرزق على من يشاء منهم، ويقتره على من يشاء، ليمتحن الغني بالفقير، والفقير بالغني، وليحتاج بعض إلى بعض، كما قال: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}، ونحو الآية قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}، ثم ذكر ما هو كالعلة لذلك، فقال: {وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}؛ أي: وهو القادر على ما يشاء، العزيز الذي لا يقدر أحد أن يمنعه عن شيء مما يريده.

٢٠ - وبعد أن أبان أن الرزق ليس إلا في يده، أتبعه بما يزهد في التكالب على طلب رزق البدن، ويرغب في الجد في طلب رزق الروح، والسعي في رفع منزلتها عند ربها ليرضى عنها، فقال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ} ويقصد بعمله الصالح {حَرْثَ الْآخِرَةِ} وثوابها، والحرث في الأصل (٢): إلقاء البذر في الأرض، ويطلق على الزرع الحاصل منه، ويطلق على ثمرات الأعمال، ونتائجها بطريق الاستعارة، المبنية على تشبيهها بالغلال، الحاصلة من البذور، المتضمن لتشبيه الأعمال بالبذور، من حيث إنها فائدة تحصل بعمل الدنيا، ولذلك قيل: الدنيا مزرعة الآخرة.

والمعنى: من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} وثوابه؛ أي: نضاعف له ثوابه، ونعط له بالعمل الواحد عشر حسنات إلى سبع مئة فما فوقها، وقيل: نزد له في توفيقه، وإعانته وتسهيل سبيل الخيرات والطاعات له. وقيل: نزد له في قوته ونشاطه، أو نزد له على ما قصده من حرث الآخرة، بالبسط له في الدنيا.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.