للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بدر وغيرها من الغزوات، ويتبع هذا الهلاك الدنيوي هلاك الآخرة، واللفظ يشملهما معًا.

وقرأ (١) الحسن: {وينون} بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على النون، وهو تسهيل قياسي.

٢٧ - {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ}؛ أي: ولو تبصر يا محمد أو أيها السامع ما يحل بهؤلاء الكفار الذين ينهون عنك وينأون عنك من الفزع والهول والشدة والندم على كفرهم، والحسرة على ما فرط منهم في جنب الله حين وقفوا وعرضوا على النار الأخروي؛ أي: حين تعرضهم ملائكة العذاب من أرض الموقف على النار .. لرأيت أمرًا عجيبًا، وموقفًا فظيعًا، فجواب لو محذوف كما قدرنا، و {تَرَى} بصرية تتعدى إلى مفعول واحد كما قدرنا أيضًا؛ أي: لو رأيت ما يحل بهم في تلك الحالة .. لرأيت ما لا يحيط به الوصف، ولا يقدر على التعبير عنه اللسان، ولا يبلغ تصويره البيان، ولو أؤتِيَ المتكلم بلاغة سحبان.

ثم ذكر ما يحدث منهم حينئذ، فقال: {فَقَالُوا} معطوف على {وُقِفُوا}؛ أي: فيقول هؤلاء المشركون بربهم إذا حبسوا على النار {يَا لَيْتَنَا}؛ أي: يا قومنا نتمنى أن {نُرَدُّ} ونرجع إلى الدنيا حتى نتوب إلى الله، ونعمل صالحًا، {وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} وحججه التي نصبها دلالة على وحدانيته، وصدق رسله {وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: من المصدقين به وبرسله، ومن المتبعين لأمره ونهيه.

والخلاصة: أنهم حين عاينوا الشدائد والأهوال بسبب تقصيرهم .. تمنوا الردَّ إلى الدنيا ليسعوا في إزالة ذلك التقصير، ويتركوا التكذيب بالآيات، ويعملوا صالح العمل، وتمني هذا الرد إلى الدنيا بناء على جهلهم أنه محال، أو أنهم مع علمهم باستحالته لا مانع من تمنيه على سبيل التحسر؛ لأنه يصح أن يتمنى ما لا يكون.

وقرأ (٢) الجمهور: {وُقِفُوا} مبنيًّا للمفعول، ومعناه عند الجمهور: حبسوا


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.