للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسماع أخبارهم، وحيث كان المعنى: أنهم أهلكوا إهلاكًا فظيعًا،

٧٤ - استثني منهم المخلصين بقوله تعالى: {إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) أي: الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للإيمان، والعمل بموجب الإنذار، واصطفاهم بالقرب والرضا. يعني: أنهم نجوا مما أهلك به كفار الأمم الماضية. وقرىء (١) {المخلصين} بكسر اللام؛ أي: الذين أخلصوا لله طاعاتهم، ولم يشوبوها بشيء مما بغيرها؛ أي: لكن عباد الله الذين أخلصهم الله بتوفيقهم للإيمان والعمل بأوامر دينه أنجاهم من عذابه. ففازوا بالنعيم المقيم، في جنات عرضها السموات والأرض.

وفي الآية (٢): تسلية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيان أنه تعالى، أرسل قبله رسلًا إلى الأمم الماضية، فأنذروهم بسوء عاقبة الكفر والضلال، فكذبهم قومهم ولم ينتهوا بالإنذار، وأصروا على الكفر والضلال، فصبر الرسل على أذاهم، واستمروا على دعوتهم إلى الله تعالى، فاقتد بهم، وما عليك إلا البلاغ، ثم إن عاقبة الإصرار الهلاك، وغاية الصبر النجاة والفوز بالمراد، فعلى العاقل تصحيح العمل بالإخلاص، وتصحيح القلب بالتصفية.

قال الواسطي: مدار العبودية على ستة أشياء: التعظيم، والحياء، والخوف، والرجاء، والمحبة، والهيبة، فمن ذكر التعظيم يهيج الإخلاص، ومن ذكر الحياء يكون العبد على خطرات قلبه حافظًا، ومن ذكر الخوف يتوب العبد من الذنوب ويأمن من المهالك، ومن ذكر الرجاء يسارع إلى الطاعات، ومن ذكر المحبة يصفو له الأعمال، ومن ذكر الهيبة يدع التملك والاختيار، ويكون في إرادته تابعًا لإرادة الله تعالى، ولا يقول إلا سمعنا وأطعنا، ومن الله سبحانه التوفيق، بطريق التحقيق، وقد ذكر الله سبحانه، في هذه السورة ست قصص من قصص الأنبياء:


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.