للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وخص الصبار الشكور؛ لأنهما المنتفعان بالمواعظ والآيات.

والمعنى: أن في (١) ذلك الذي حل بهؤلاء من النقمة والعذاب بعد النعمة والعافية عقوبة لهم على ما اجترحوه من الآثام لعبرة لكل عبد صبَّار على المصايب، شكور على النعم.

روى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن، إن أصابه خير حمد ربه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر، يؤجر المؤمن في كل شيء، حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته". وكان مطرِّف بن الشخير يقول: نعم العبد الصبَّار الشكور الذي إذا أَعطي شكر، وإذا ابتلي صبر.

قال بعض أهل المعرفة: إن طلب الدنيا شهواتها هو طلب البعد عن الله تعالى وعن جنابه، والميل إلى الدنيا والرغبة في شهواتها من خسة النفس، وركاكة العقل، وهو ظلم على النفس، فمن قطعته الدنيا عن جناب الله .. جعله الله عبرة لأهل الطلب، وأوقعه في وادي الهلاك، فلا بد من الصبر عن الدنيا وشهواتها، والشكر على نعمة العصمة وتوفيق العبودية, الله وإياكم من الراغبين إليه، والمعتمدين عليه، وعصمنا من الرجوع عن طريقه، والضلال بعد إرشاده وتوفيقه، إنه الرحمن الذي بيده القلوب وتقليبها من حال إلى حال، وتصريفها كيف يشاء في الأيام والليالي.

٢٠ - واللام في قوله (٢): {وَلَقَدْ صَدَّقَ} موطئة للقسم، وضمير {عَلَيْهِمْ} عائد إلى أهل سبأ لتقدم ذكرهم، والظاهر أنه راجع إلى الناس جميعًا، كما يشهد به ما بعده {إِبْلِيسُ} اللعين من: الإبلاس، وهو اليأس من رحمة الله {ظَنَّهُ}؛ أي: ما ظنه بأهل سبأ من إغوائهم؛ أي: وعزتي وجلالي لقد وجد إبليس اللعين ظنه بأهل سبأ حين رأى أنهماكهم في الشهوات صادقًا {فَاتَّبَعُوهُ}؛ أي: اتبع أهل سبأ الشيطان في الشرك والمعصية {إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؛ أي: إلا جماعة هم المؤمنون لم يتبعوه في أصل الدين، فـ {مِن} بيانية، وتقليلهم بالإضافة إلى الكفار، أو تبيعيضية؛


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.