للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه إنما أظهر فوائدها، وبين حاجته إليها خوفاً من أن يأمره بإلقائها، كالنعلين. قاله سعيد بن جبير.

الثالث: أنه بيَّن منافعها, لئلا يكون عابثاً بحملها، قاله الماوردي. فإن قيل: فلِمَ اقتصر على ذكر بعض منافعها, ولم يطل الشرح؟

فعنه ثلاثة أجوبةٍ:

أحدها: أنه كره أن يشتغل عن كلام الله بتعداد منافعها.

والثاني: استغنى بعلم الله فيها عن كثرة التعداد.

والثالث: أنه اقتصر على اللازم دون العارض، وقيل: كانت تضيء له بالليل، وتدفع عنه الهوام، وتثمر له إذا اشتهى الثمار، وفي جنسها قولان:

أحدهما: أنها كانت من آس الجنة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنها كانت من عوسج.

فإن قيل: المآرب جمع، فكيف قال {أخرى}، ولم يقل أخر؟

فالجواب: أن المآرب في معنى جماعة، فكأنه قال: جماعة من الحاجات أخرى، قاله الزجاج اهـ. "زاد المسير"

١٩ - {قَالَ} الله سبحانه وتعالى، استئناف (١) بياني واقع في جواب سؤال مقدر، أمره سبحانه بإلقائها, ليريه ما جعل له فيها من المعجزة الظاهرة {أَلْقِهَا}؛ أي: ألق هذه العصا وأطرحها {يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا}

٢٠ - موسى على الأرض، والإلقاء والنبذ والطرح، بمعنىً واحدٍ {فَإِذَا هِيَ}؛ أي: تلك العصا المطروحة، وإذا هنا للمفاجاة {حَيَّةٌ تَسْعَى}؛ أي: ثعبان عظيم ينتقل من مكان إلى آخر مسرعاً، وذلك بقلب الله سبحانه لأوصافها وأعراضها، حتى صارت حية تسعى؛ أي: تمشي بسرعةٍ وخفةٍ، قيل: كانت عصا ذات شعبتين، فصار الشعبتان فمًا، وباقيها جسم حيةٍ، تنتقل من مكان إلى مكان، وتلتقم الحجارة مع عظم جرمها، وفظاعة منظرها، فلما رآها كذلك .. خاف وفزع وولى


(١) روح البيان.