والتاسع:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ...} إلى {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} اهـ. "شيخنا". ذكره في "الفتوحات".
١٢ - قال:{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} لولا هنا تحضيضية، بمعنى (هلا) جيء بها تأكيدًا للتوبيخ والتقريع، ومبالغة في معاتبتهم، ومعناها (١): إذا دخلت على الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل، إذ لا يتصور الطلب في الماضي، وإذا دخلت على المضارع فمعناها الحض على الفعل والطلب له، فهي في المضارع بمعنى الأمر؛ أي: هلا إذ سمعتم الإفك إيها الخائضون؛ أي: الشارعون في القول الباطل {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ}؛ أي: بأبناء دينهم {خَيْرًا}؛ أي: عفافًا وصلاحًا، وفيه عدول إلى الغيبة لتأكيد التوبيخ فإن مقتضى الإيمان الظن بالمؤمن خيرًا، وذب الطاعنين فيه، فمن ترك هذا الظن والذب، فقد ترك العمل بمقتضى الإيمان.
المراد بأنفسهم أبناء جنسهم ودينهم، النازلون منزلة أنفسهم، كقوله تعالى:{وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} فإن المراد لا يعيب بعضكم بعضًا، فإن المؤمنين كنفس واحدة إذ كان الواجب أن يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوا الإفك ممن اخترعه بالذات أو بالواسطة من غيره من غير توقف ولا تردد بأمثالهم من آحاد المؤمنين خيرًا؛ أي: كان ينبغي للمؤمنين حين سمعوا مقالة أهل الإفك أن يقيسوا ذلك على أنفسهم، فإن كان ذلك يبعد فيهم، فهو في أم المؤمنين أبعد.
والمعنى: هلا ظن المؤمنون والمؤمنات بامثالهم من المؤمنين خيرًا وعفافًا وقت سماعهم ذلك الإفك، {وَقَالُوا}؛ أي: وقال المؤمنون {هَذَا} الإفك المنسوب إلى عائشة - رضي الله عنها - {إِفْكٌ مُبِينٌ}؛ أي: كذب ظاهر بين كونه إفكًا، فكيف بالصديقة بنت الصديق أم المؤمنين حرمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.