للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالجميع الصاعقة، فإن لنزولها صيحة شديدة القوة ترجف من هولها الأفئدة، وتضطرب الأعصاب، وربما اضطربت الأرض، وتصدع ما فيها من بنيان.

وقد علم أن سبب حدوثها اتصال كهربائية الأرض بكهربائية الجو التي يحملها السحاب، فتحدث صوتا كالصوت الذي يحدث باشتعال قذائف المدافع، وهذا الصوت هو المسمى بالرعد، وتحدث الصاعقة تأثيرات عظيمة، كصعق الناس والحيوان، وهدم المباني أو تصديعها، وإحراق الشجر ونحو ذلك، وقد هدى العلم إلى الطريق في اتقاء أضرارها بالمباني العظيمة بوضع ما يسمونه: «مانعة الصواعق».

وقد يجوز أن الله سبحانه وتعالى جعل هلاكهم في وقت ساق فيه السحاب المشبع بالكهرباء إلى أرضهم بحسب السنن المعروفة، وقد يجوز أن الله قد خلق تلك الصاعقة لأجلهم على سبيل خرق العادة، وأيهما كان قد وقع .. فقد صدق الله رسوله، وحدث ما أنذرهم به.

٧٩ - {فَتَوَلَّى} وأعرض صالح {عَنْهُمْ}؛ أي: خرج من بينهم قبل موتهم {وَقالَ}؛ أي: صالح {يا قَوْمِ} والله {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ} وأوصلت إليكم {رِسالَةَ رَبِّي}؛ أي: ما أرسلني به ربي إليكم {وَنَصَحْتُ لَكُمْ}؛ أي: بذلت لكم النصيحة بالترغيب والترهيب، وبذلت وسعي في نصيحتكم، ولكن لم تقبلوا مني ذلك كما قال: {وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}؛ أي: لا تطيعوا الناصحين لكم، بل تستمروا على عداوتهم. وروي (١) أن صالحا خرج في مئة وعشرة من المسلمين وهو يبكي، فالتفت فرأى الدخان ساطعا، فعلم أنهم قد هلكوا، وكانوا ألفا وخمس مئة دار.

والمعنى (٢): قال لهم صالح بعد أن جرى عليهم ما جرى، مغتما متحسرا، كما يقول المتحسر على من مات جانيا على حياته بالتفاني في شهواته: ألم أنهك عما يوردك ريب المنون؟ ألم أحذرك تلك العاقبة الوخيمة التي لم تتداركها قبل


(١) المراح.
(٢) المراغي.