للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عطاء الخراساني: طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ، ألم تر قول يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} وقال يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي}.

وقد تمثل النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الآية يوم فتح مكة حين طاف بالبيت، وصلى ركعتين، ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب وقال: "ما تظنون أني فاعل بكم"؟ قالوا: نظن خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: وأنا أقول كما قال أخي يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} فخرجوا كأنما نشروا من القبور". أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس، والبيهقي عن أبي هريرة.

٩٣ - روي (١): أن يوسف عليه السلام لما عرف نفسه إخوته سألهم عن أبيهم، فقالوا: ذهب بصره، فعند ذلك أعطاهم قميصه، وقال: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا} الذي على بدني أو بيدي {فَأَلْقُوهُ}؛ أي: فألقوا هذا القميص {عَلَى وَجْهِ أَبِي} حين وصولكم إليه دون تأخير {يَأْتِ بَصِيرًا}؛ أي: يصير بصيرًا على أن {يأت} هي التي من أخوات (كان)، قال الفراء: يرجع بصيرًا. وقال السدي: يعد بصيرًا، وقيل: معناه يأت إليّ إلى مصر وهو بصير قد ذهب عنه العمى. وقد علم هذا؛ إما بوحي من الله تعالى، وإما لأنه علم أن أباه ما أصابه ما إصابه إلا من كثرة البكاء وضيق النفس، فإذا ألقي عليه قميصه شرح صدره، وسر أعظم السرور، وقوي بصره، وزالت عنه هذه الغشاوة التي رانت عليه، والقوانين الطبية تؤيد هذا كما سيأتي بعد. {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} من الرجال والنساء والذراري وغيرهم. وقد روي أن أهله كانوا سبعين رجلًا وامرأة وولدًا. فإن الأهل يفسر بالأزواج والأولاد، وبالعبيد والإماء، وبالأقارب وبالأصحاب وبالمجموع.

روي (٢) أن يهوذا حمل القميص، وقال: أنا أحزنته بحمل القميص الملطخ بالدم إليه، فأفرحه كما أحزنته، فحمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان، ومعه سبعة


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.