للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأحكام. وهي مثلجة الصدر، هادئة مطمئنة ببرد اليقين والسير على نهج سيد المرسلين.

ثم بين حسن مآلهم، وفوزهم بسعادة العقبى. فقال: {وَإِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى: {لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} في الأمور الدينية خصوصًا في المداحض، والمشكلات التي من جملتها هذا الإلقاء {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: إلى نظر صحيح موصل إلى الحق الصريح.

أي: وإن الله سبحانه لمرشد الذين آمنوا به وصدقوا برسوله، وموفقهم إلى الحق الواضح بنسخ ما ألقى الشيطان في أمنية رسوله حين تلاوة الوحي، وحفظ أصول الدين الصحيحة في نفوسهم، والعمل بها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

وخلاصة ذلك: أن الله ليهدي الذين آمنوا إلى تأويل ما تشابه من الدين، وتفصيل ما أجمل منه بما تقتضيه الأصول المحكمة، فلا تلحقهم حيرة، ولا تعتريهم شبهة، ولا تزلزل أقدامهم ترهات المبطلين.

وقرأ الجمهور (١): {لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} بالإضافة. وأبو حيوة وابن أبي عبلة بتنوين {لهادٍ}.

٥٥ - ثم أردفه ببيان مآل الفريق الأول، فقال: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ}؛ أي: في شك {مِنْهُ}؛ أي: مما ألقى الشيطان في قلوبم من تلك الشبهات والخرافات حين قراءة الرسول القرآن عليهم {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً}؛ أي: (٢) حتى يأتيهم الموت فجأة، وهم في بيوتهم آمنون. {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}؛ أي: أو يشتبكوا مع المؤمنين في قتال يهلك فيه أبطالهم، وصناديدهم، كما حدث يوم بدر. وقد جعل هذا اليوم عقيمًا؛ لأن المقاتلين يسمون أبناء الحرب، فإذا هم قتلوا وصف هذا اليوم بأنه عقيم.

أو المعنى (٣): {حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ}؛ أي: القيامة {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} وهو يوم القيامة؛ لأنه لا يوم بعده، فكان بهذا الاعتبار عقيمًا. والعقيم


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.
(٣) الشوكاني.