للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يكن فتنتهم إلا أن قالوا} بالياء في {تكن}، {بُرْهَانَانِ}؛ أي: حجتان نيِّرتان، ومعجزتان باهرتان، ودليلان واضحان كائنان {مِنْ رَبِّكَ} يا موسى واصلان {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} ومنهيان إليهم {إِنَّهُمْ}؛ أي: إن فرعون وملئه {كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}؛ أي: خارجين عن حدود الله وطاعته أبلغ خروج، فكانوا أحقاء بأن نرسلك إليهم بهاتين المعجزتين الباهرتين، والجملة تعليل لما قبلها.

ومعنى {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ ...} إلخ؛ أي: فما (١) تقدم من جعل العصا حية تسعى، وخروج اليد بيضاء من غير سوء، بعد وضع اليد في الجيب، دليلان واضحان على قدرة ربك، وصحة نبوة من جريا على يده، أرسلناهما إلى فرعون وملئه.

ثم أظهر العلة له في إظهار الآيات لهم بقوله: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}؛ أي: خارجين عن طاعة الله سبحانه، مخالفين لأمره منكرين لكل دين جاء به الرسل، فكانوا جديرين بأن نرسلك إليهم بهاتين المعجزتين الباهرتين.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (٢): {فذانك} بتشديد النون، وباقي السبعة: بتخفيفها، وقرأ ابن مسعود وعيسى وأبو نوفل وابن هرمز وشبل: {فذانيك} بياء بعد النون المكسورة، وهي لغة هذيل، وقيل: بل لغة تميم، ورواها شبل عن ابن كثير، وعنه أيضًا: {فذانيك} على لغة من فتح نون التثنية، نحو قوله:

عَلَى أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً ... فَمَا هِيَ إِلَّا لَمْحَةٌ وَتَغِيْبُ

وقرأ ابن مسعود: بتشديد النون مكسورة بعدها ياء، قيل: وهي لغة هذيل، وقال المهدوي بل لغتهم تخفيفها.

ولما سمع موسى قول الله سبحانه {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} طلب منه سبحانه أن يقوي قلبه

٣٣ - فـ {قال}؛ أي: موسى يا {رَبِّ}؛ أي:


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.