للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المصائب في الأموال، والأولاد، وانتظار الفضيحة بهتك أستارهم، وثانيتهما: آلام الموت، وزهوق أنفسهم، وهم كافرون وضرب الملائكة وجوههم، وأدبارهم في ذلك الحين، {ثُمَّ} بعد تعذيبنا إياهم في الدنيا مرتين، {يُرَدُّونَ}؛ أي: يرجعون يوم القيامة {إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}؛ أي: إلى عذاب جهنم، وبئس المصير، وبانضمامه للمرتين، يصير عذابهم ثلاث مرات، مرتين في الدنيا، ومرة في الآخرة. وقيل: مرة في الدنيا، ومرة في القبر، ومرة في الآخرة.

والخلاصة: أنهم يعذبون في الدنيا، بالعذاب الباطن بتوبيخ الضمائر، وعذاب الخوف من الفضيحة على رؤوس الأشهاد في الظاهر، ثم عذاب النار وبئس القرار. فإن قلت: كيف نفى عنه علمه بحال المنافقين هنا، وأثبته في قوله: ولَتَعرِفَنَّهُم في لحن القول.

فالجواب: أن آية النفي نزلت قبل آية الإثبات، فلا تنافي اهـ "كرخي".

١٠٢ - {و} من أهل المدينة أقوام، {آخرون} سوى المذكورين، ليسوا من المنافقين، ولا من السابقين، {اعْتَرَفُوا}؛ أي: أقروا، {بِذُنُوبِهِمْ} التي هي تخلفهم عن غزوة تبوك، وأظهروا الندامة عليها، {خَلَطُوا}؛ أي: جمعوا {عَمَلًا صَالِحًا} وهو ما سبق لهم في الإِسلام، من الأعمال الصالحة، وخروجهم مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - في سائر الغزوات، {وَآخَرَ سَيِّئًا} وهو تخلفهم عن غزوة تبوك؛ أي: خلطوا كل واحد من العمل الصالح، والعمل السيء، بالآخر، وهم أقوام من المسلمين، تخلفوا عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في غزوة تبوك بلا عذر ولا استئذان، ثم ندموا على تخلفهم، وربطوا أنفسهم بسواري المسجد، كأبي لُبابة وأصحابه، كما مر في أسباب النزول، أي: وهناك (١) فريق آخر، ممن حولكم من الأعراب، ومن أهل المدينة، ليسوا منافقين، ولا من السابقين الأولين، بل من المذنبين الذين خلطوا الصالح من العمل، بالسيء منه، والسيء بالصالح، فلم يكونوا من الصالحين الخلص، ولا من المنافقين، فهم قد آمنوا وعملوا الصالحات واقترفوا بعض السيئات، كالذين تخلفوا عن الخروج إلى غزوة تبوك من غير عذر صحيح، ولم


(١) المراغي.