للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالعيب كذبًا وباطلًا، فبرأه الله مما قالوه من الكذب والزور، بما أظهر من الأدلة على كذبهم، وكان موسى ذا وجاهة وكرامة عند ربه، لا يسأله شيئًا إلا أعطاه إياه.

ولم يعين (١) لنا الكتاب الكريم ما قالوا في موسى، ومن الخير أن لا نعينه حتى لا يكون رجمًا بالغيب دون أن يكون عليه دليل. وقد اختلفوا فيه، أهو عيب في بدنه، كبرص وأدْره، أم هو عيب في خلقه؟ فقد روَوا أنَّ قارون حرَّض بغيًا على قذفه بنفسها، فعصمه الله من كذبها، وقيل: إنهم اتهموه بقتل هارون لما خرج معه إلى الطور، ومات هناك، ثمَّ استبان لهم بعد أنه مات حتف أنفه.

روي عن عبد الله بن مسعود قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم قسمًا، فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، فاحمر وجهه، ثم قال: "رحمة الله على موسى، فقد أوذي بأكثر من هذا، فصبر".

وروى أحمد عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "لا يبلِّغني أحد عن أحد من أصحابي شيئًا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر" ومن هذا يتبين أن إيذاءه كان بالقدح في أعماله وتصرفاته، لا بالعيب في بدنه كما روي.

وقرأ الجمهور (٢): {عِنْدَ اللَّهِ} بالنون على الظرفية المجازية. وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة: {وكان عبدًا} بالباء الموحدة من العبودية {لله}: بلام الجر، و {عبدًا}: خبر {كَانَ}، و {وَجِيهًا} صفته. قال ابن خالويه: صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان، فسمعته يقرأ: {وكان عبدًا لله} على قراءة ابن مسعود.

٧٠ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله {اتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا الله في رعاية حقوقه وحقوق عباده، فمن الأول: الامتثال لأمره، ومن الثاني: ترك الأذى، لا سيما في حق رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقولوا في أيِّ شأن من الشؤون {قَوْلًا سَدِيدًا}؛ أي: قولًا مستقيمًا عدلًا حقًا موافقًا للصواب. قال قتادة ومقاتل: يعني: قولوا قولًا سديدًا في شأن زيد وزينب، ولا تنسبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما لا يحل. وقال عكرمة: إن القول السديد لا إله إلا الله.


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.