للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نفسه؛ لتعدد الآلهة الباطلة، ولا يفيد التوحيد الحق. و {إِلَّا هُوَ} مرفوع على: البدلية في محل المنفي، أو من ضمير الخبر المقدر لـ {لَا} والخبر قد يقدر: موجود، فيتوهم أن التوحيد يكون باعتبار الوجود لا الإمكان، فإن نفي وجود إله غير الله لا يستلزم نفي إمكانه. وقد يقدر: ممكن، فيتوهم أن إثبات الإمكان لا يقتضي الوقوع، فكم من شيء ممكن لم يقع. وقد يقدر: لنا، فيتوهم أنه لا بد من مقدر، فيعود الكلام أيضًا.

والجواب: أنه إذا كان المراد بالإله المعبود بالحق كما ذكر .. فهو لا يكون إلا رب العالمين مستحقًا لعبادة المكلفين، فإذا نفيت الألوهية على هذا المعنى عن غيره تعالى، وأثبتت له سبحانه .. يندفع التوهم على التقادير كلها.

٢٣ - {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} كرره للتأكيد والتقرير، ولإبراز الاعتناء بالتوحيد؛ لكونه حقيقًا بذلك. {الْمَلِكُ}؛ أي: المتصرف بالأمر والنهي في جميع خلقه، المالك لهم، فهم تحت ملكه وقهره وإرادته. {الْقُدُّوسُ}؛ أي: الطاهر عن كل عيب، المنزه عما لا يليق به. وقيل: هو الذي كثرت بركته، أو البليغ في النزاهة عما يوجب نقصانًا ما.

وقرأ الجمهور (١): {الْقُدُّوسُ} بضم القاف. وقرأ أبو السمال، وأبو دينار الأعرابي بفتحها. وكان سيبويه يقول: سبوح قدوس بفتح أولهما، وحكى أبو حاتم عن يعقوب، أنه سمع عند الكسائي أعرابيًا فصيحًا يقرأ: القَدوس بفتح القاف. قال ثعلب: كل اسم على فعول .. فهو مفتوح الأول إلا السبوح، القدوس، فإن الضم فيهما أكثر، وقد يفتحان. وقال بعضهم: المفتوح قليل في الصفات كثير في الأسماء، مثل التنور والسمور والسفود وغيرها.

{السَّلَامُ}؛ أي: الذي سلم من كل النقائص، وكل آفة تلحق الخلق. فإن قلت (٢): على هذا التفسير لا يبقى بين القدوس والسلام فرق، فيكون كالتكرار، وذلك لا يليق بفصاحة القرآن؟.

قلت: الفرق بينهما: أن القدوس إشارة إلى براءته عن جميع العيوب


(١) البحر المحيط والشوكاني.
(٢) الخازن.