تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي، فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولو يولد، ولم يكن له كفوًا أحد".
{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}؛ أي: وله الوصف البديع في السماوات والأرض، وهو أنه لا إله إلا هو، ليس كمثله شيء، تعالى عن الشبيه والنظير، وهو العزيز الذي لا يغالب ولا يغلب، الحكيم في تدبير خلقه، وتصريف شؤونه، فيما أراد على وفق الحكمة والسداد.
٢٨ - {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا} أي: بين الله سبحانه وتعالى لكم أيها المشركون، شبهًا لما تشركون به، مأخوذًا ذلك المثل {مِنْ} أحوال {أَنْفُسِكُمْ} التي هي أقرب الأمور إليكم، وأعرفها عندكم، بين به بطلان شرككم، فمن ابتدائية، والمثل تشبيه شيء خفي بشيء جلي، قال أبو الليث: نزلت في كفار قريش، كانوا يعبدون الآلهة، ويقولون في إحرامهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك. ثم صور المثل، فقال:{هَلْ لَكُمْ} والاستفهام فيه للإنكار، و {مِنْ} في قوله: {مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وأيديكم من العبيد والإماء: تبعيضية، وفي قوله:{مِنْ شُرَكَاءَ} زائدة، لتأكيد النفي المستفاد من الاستفهام.
{فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} من الأموال والأسباب؛ أي: هل ترضون لأنفسكم شركةً في ذلك، والمعنى: هل لكم شركاء فيما رزقناكم من الأموال، كائنون من النوع الذي ملكت أيمانكم، وهم العبيد والإماء، وجملة قوله:{فَأَنْتُمْ فِيهِ}؛ أي: فيما رزقناكم {سَوَاءٌ}؛ أي: مستوون يتصرفون فيه كتصرفكم، من غير فرق بينكم وبينهم، جواب للاستفهام الإنكاري الذي بمعنى النفي، ومحققة لمعنى الشركة بينهم وبين العبيد والإماء المملوكين لهم في أموالهم، وجملة قوله:{تَخَافُونَهُمْ} خبر آخر لـ {أنتم} داخل تحت الاستفهام الإنكاري، كما في "الإرشاد"؛ أي: تخافون مماليككم أن يستقلوا وينفردوا بالتصرف فيه، و"الكاف" في قوله: {كَخِيفَتِكُمْ} نعت لمصدر محذوف، ومعنى قوله:{أَنْفُسَكُمْ} هاهنا أمثالكم من الأحرار، كقوله:{وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: بعضكم بعضًا.