للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السلام - لأنه نبي على ما رجحه أكثر العلماء، كما مر في مبحثه، فبين الرسول والنبي عموم وخصوص، وجهي، فكل رسول نبي ولا عكس، وقال النيسابوري (١): الرسول الذي معه كتاب من الأنبياء، والنبي: الذي ينبىء عن الله عز وجل وإن لم يكن معه كتاب، وكان المناسب ذكر الأعم قبل الأخص، إلا أن رعاية الفاصلة اقتضت عكس ذلك، كقوله في طه: {بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} انتهى

ورابعها:

٥٢ - ما ذكره بقوله: {وَنَادَيْنَاهُ}؛ أي: نادينا موسى ودعوناه وكلمناه ليلة الجمعة، بقولنا: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} {مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}؛ أي: من ناحية جبل الطور اليمنى فالأيمن صفة للجانب، أي: ناديناه من ناحيته اليمنى، وهي التي تلي يمين موسى حين أقبل من مدين إلى مصر، إذ لا يمين ولا شمال للجبل، والمراد بالطور (٢): الجبل الذي عند بيت المقدس، لا الطور الذي عند السويس؛ لأنه يكون على يسار المتوجه من مدين إلى مصر، كما هو محسوس مشاهد، أو المعنى: ناديناه من جانبه الميمون؛ أي: المبارك لموسى، من اليمن بمعنى البركة؛ لأنه سمع عنده كلام الله تعالى؛ أي: وكلمناه من الجانب الأيمن للطور؛ أي: الذي عن يمين موسى حين أقبل من مدين متوجهًا إلى مصر، وأنبأناه بأنه رسولنا، ثم واعدناه إليه؛ أي: عنده بعد إغراق آل فرعون، ورحمنا بني إسرائيل بإنزال الكتاب عليهم.

وخامسها: ما ذكره بقوله: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}؛ أي: وقربنا موسى إلينا تقريب تشريفٍ وإجلالٍ وإكرام، حالة كونه نجيًا؛ أي: مناجيًا معنا تلك الليلة؛ أي: مستمعًا كلامنا، فهو حال من أحد الضميرين في {كهيعص (١)}: فقد شبه حاله - عليه السلام - مع ربه بحال من قَرَّبَهُ الملك لمناجاته، واصطفاه لمصاحبته، ورفع الوسائط، وقيل معناه (٣): ورفعناه مكانًا عاليًا فوق السموات، حتى سمع صرير القلم، حيث كتبت التوراة في الألواح، وفي "القاموس": ناجاه مناجاةً، إذا سارّه ونجيّ: فعيل من المناجاة، بمعنى: مناجٍ، كالجليس، وهو: المنفرد


(١) الشوكاني.
(٢) الفتوحات.
(٣) المراح.