للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلاعتباره.

٩ - {وَنَزَّلْنَا} عبر بصيغة التفعيل لإفادة التكرير {مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} أي: نزلنا من السماء ماء كثير البركة والخير لانتفاع الناس به في غالب أمورهم؛ أي: أنزلنا ماءً كثير المنافع حياة الأناسي والدواب والأرض الميتة، وفي "كشف الأسرار": مطرًا يثبت في أجزاء الأرض، فينبع طول السنة. {فَأَنْبَتْنَا بِهِ}؛ أي: أخرجنا بذلك الماء {جَنَّاتٍ}؛ أي: بساتين كثيرة؛ أي: أشجارًا ذوات ثمار، فذكر المحل وأراد الحال، قال: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ}، {وَحَبَّ الْحَصِيدِ}؛ أي: وحبَّ الزرع المحصود، فهو (١) من حذف الموصوف وإقامة صفته على ما هو المختار عند البصريين، كباب الجامع؛ أي: المسجد الجامع، لئلّا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه، وأصل الحصد: قطع الزرع، والحصيد بمعنى المحصود، وهو هنا مجاز باعتبار الأول.

والمعنى: وحبّ الزرع الذي شأنه أن يحصد من البر والشعير وأمثالهما، مما يقتات به، وتخصيص إنبات حبه بالذكر؛ لأنه المقصود بالذات.

١٠ - {وَالنَّخْلَ} معطوف على {جَنَّاتٍ} وتخصيصها بالذكر، مع اندارجها في الجنات؛ لبيان فضلها على سائر الأشجار، وقد سبق بعض أوصافها في سورة يس، وتوسيط الحبّ بينهما؛ لتأكيد استقلالها، وامتيازها عن البقية، مع ما فيه من مراعاة الفواصل.

وقوله: {بَاسِقَاتٍ}؛ أي: طوالًا في السماء عجيبة الخلق، حال مقدّرة من {النخل}. فإنها وقت الإنبات لم تكن طوالًا، من بسقت الشجرة سوقًا إذا طالت، ويجوز أن يكون معنى {بَاسِقَاتٍ}: حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت، فيكون من باب أفعل، فهو فاعل.

وجملة قوله: {لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}؛ أي: منضود متراكم بعضه فوق بعض، حال مقدرة من النخل أيضًا، والمراد: (٢) تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من الثمر،


(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.