للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقي على الوارث مال مورثه ونمتعه به، قال في "الأسئلة المقحمة": كيف قال {نُورِثُ} والميراث ما انتقل من شخص إلى شخص؟ والجواب أن هذا على وجه التشبيه، أراد أن الأعمال سبب لها، كالنسب سبب ملك بلا كسب ولا تكلف، وكذا الجنة عطاء من الله ورحمة منه، خلافًا للقدرية. انتهى.

وجاء بمعنى الآية قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} إلى أن قال {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١١)}.

وقرأ الجمهور (١): {نُورِثُ} مضارع أورث وقرأ الأعمش: {نورثها} بإبراز الضمير العائد على الموصول، وقرأ الحسن، والأعرج، وقتادة، ورويس، وحميد، وابن أبي عبلة، وأبو حيوة، ومحبوب عن أبي عمرو: بفتح الواو وتشديد الراء المكسورة، من ورث المضعف.

٦٤ - قوله: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ}؛ أي: قال الله سبحانه: قل يا جبريل لمحمد جوابًا عن استبطائه لنزولك: وما تتنزل الملائكة يا محمد بالوحي على الرسل وقتًا بعد وقت {إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} وإذنه وإرادته على ما تقتضيه حكمته، وتدعو إليه مصلحة عباده، ويكون فيه الخير لهم. في دينهم ودنياهم، وقرأ الجمهور: {وَمَا نَتَنَزَّلُ} بالنون عن جبريل نفسه والملائكة، وقرأ الأعرج {يتنزل} بالياء على أنه خبر من الله تعالى، ذكره في "البحر" ثم علل الملك ذلك بقوله: {لَهُ} سبحانه وتعالى لا لغيره {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} من الأزمنة المستقبلة {وَمَا خَلْفَنَا} من الأزمنة الماضية {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ}؛ أي: بين الأيدي والخلف من الأزمنة الحاضرة فلا ننزل في زمانٍ دون زمان إلا بإذنه، فهو المدبر لنا في جميع الأزمنة، أو المعنى (٢)؛ أي: لربك ما قدامنا وما خلفنا من الجهات، وما نحن فيه فلا ننتقل من جهة إلى جهة، ومن مكان إلى مكان، إلا بأمره ومشيئته.


(١) البحر المحيط.
(٢) المراح.