للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقرب. يقال: هذا دون ذاك؛ أي: أقرب منه، ويكون إغراء. تقول:

دونك زيدا؛ أي: خذه من أدنى مكان.

٢٤ - {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا} ما أمرتم به من الإتيان بالمثل بعد ما بذلتم في السعي غاية المجهود، يعني: فيما مضى وغبر، وحضر من الزمان، والجملة فعل شرط لإن.

وقوله: {وَلَنْ تَفْعَلُوا}. فيما يستقبل أبدا؛ وذلك لظهور إعجاز القرآن. اعتراض بين الشرط وجوابه، وهذه الجملة المعترضة معجزة باهرة، أخبر بها القرآن قبل وقوعها، حيث أخبر بالغيب الخاص علمه به سبحانه وتعالى، وقد وقع القرآن كذلك، كيف لا ولو عارضوه بشيء بداية في الجملة لتناقله الرواة خلفا عن سلف، فلم تقع المعارضة من أحد من الكفرة في أيّام النبوة وفيما بعدها إلى الآن. وقوله: {فَاتَّقُوا النَّارَ} بالإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والقيام بفرائضه، واجتناب مناهيه. جواب الشرط.

والمعنى: أي (١) فإن لم تأتوا الآن بسورة من مثل المنزل على محمدّ صلّى الله عليه وسلّم لعجزكم عنها، ولن تقدروا على أن تأتوا بمثله في المستقبل لتحقّق عجزكم الآن {فَاتَّقُوا النَّارَ} أي: فاجعلوا لأنفسكم وقاية وسترا من النار المذكورة، بتصديق هذا القرآن، ومن جاء به. وعبّر عن الإتيان بالفعل؛ لأنّ الإتيان فعل من الأفعال، ولقصد الاختصار.

والخلاصة: أي (٢) وحين عجزتم عن معارضة القرآن، وعن الإتيان بمثله، لزمتكم الحجة على أنّ محمدا رسولي، والقرآن كتابي، ولزمكم تصديقه والإيمان به، وإن لم تؤمنوا صرتم من أهل النار، فاتقوها.

وفي «الكشاف»: لصيق اتقاء النار، وضميمة ترك العناد من حيث إنّه من نتائجه؛ لأنّ من اتّقى النار ترك المعاندة، فوضع {فَاتَّقُوا النَّارَ} موضع فاتركوا العناد. اه.


(١) العمدة.
(٢) روح البيان.