العيون وتشويه الخلق، واختار أبو مسلم أنهم يعرفونهم بسيماهم الخاصة التي كانوا عليها في الدنيا، وقيل: بسيما المستكبرين؛ إذ قد جاء في الأثر ما يدل على أن لمن تغلب عليهم رذيلة خاصة علامة تدل عليهم، فيعرفون بها، فقد روى البخاري:«يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترة وغبرة، فيعرفه، فيشفع له، فلا تقبل شفاعته، ثم يمسخه الله ذئبا منتنا ليزول عن إبراهيم خزيه» فمسخه ذئبا مناسب لحماقته ونتن الشرك. وقوله:{قالُوا} بدل من {نادى}؛ أي قال أصحاب الأعراف لأولئك الرجال وهم في النار: يا وليد بن المغيرة، ويا أبا جهل بن هشام، ويا أمية بن خلف مثلا {ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ}؛ أي: أي شيء دفع عنكم جمعكم في الدنيا من المال والخدم والأتباع {وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ}؛ أي: وما أغنى عنكم استكباركم عن قبول الحق، وعلى الناس المحقين، والاستفهام فيه للتقريع والتوبيخ.
والخلاصة (١): أنهم نادوهم قائلين لهم: ما أغنى عنكم جمعكم للأموال والخدم، ولا استكباركم على المستضعفين والفقراء من أهل الإيمان؛ إذ لم يمنع عنكم العقاب، ولا أفادكم شيئا من الثواب. وقرىء:{تستكثرون} - بالثاء المثلثة - من الكثرة؛ أي: وما أغنى عنكم إكثاركم من الأموال والجند.
٤٩ - ثم زادوا لهم على هذا التبكيت بقولهم:{أَهؤُلاءِ} الضعفاء الذين عذبتموهم في الدنيا كصهيب وبلال وسلمان وخباب وعمار وأشباههم هم {الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ}؛ أي: حلفتم في الدنيا يا معشر الكفار {لا يَنالُهُمُ اللَّهُ} تعالى ولا يصيبهم {بِرَحْمَةٍ} منه؛ إذ لم يعطوا في الدنيا مثل ما أعطيتم من الأتباع والأشياع وكثرة الأموال؛ أي: أقسمتم في الدنيا لا يدخلهم الله الجنة في الآخرة، وقد دخلوا الجنة الآن على رغم أنوفكم. وقد قيل الآن من جهة الله لهؤلاء الذين أقسمتم على عدم دخولهم الجنة {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} بفضل الله تعالى، فهذا من بقية كلام أصحاب الأعراف، فهو خبر ثان عن اسم الاشارة؛ أي: أهؤلاء قد قيل لهم من