قال: إنّ قريشًا لمّا اجتمعوا إلى دار الندوة في أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال قائل منهم: احبسوه في وثاق، وتربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء، زهير والنابغة، إنما هو كأحدهم. فأنزل الله في ذلك: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠)}.
التفسير وأوجه القراءة
١ - {وَالطُّورِ (١)} {الواو} للقسم. والطور (١) بالسريانية: الجبل. وقال بعضهم: هو عربي فصيح، ولذا لم يذكره الجواليقي في "المعربات". وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الطور: كل جبل ينبت. قال الشاعر:
وقيل: بل هو جبل محيط بالأرض. والأظهر الأشهر: أنه اسم جبل مخصوص، هو طور سينين. يعني: الجبل المبارك، وهو جبل مدين، واسمه زبير، سمع فيه موسى عليه السلام كلام الله تعالى، ولذا أقسم الله تعالى به. لأنّه محل قدم الأحباب وقت سماع الخطاب.
وقال في "خريدة العجائب": جبل طور سينا هو بين الشام ومدين. قيل: إنه بالقرب من أيلة. وهو المكلم عليه موسى عليه السلام. كان إذا جاء موسى للمناجاة ينزل عليه غمام، فيدخل في الغمام ويكلم ذا الجلال والإكرام. وهو الجبل الذي دك عند التجلي، وهناك خر موسى عليه السلام صعقًا. وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها شجرة العوسج على الدوام. وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى. ويقال لشجرة العوسج: شجرة اليهود، انتهى كلام "الخريدة". والعوسج جمع عوسجة. وهو شجر الشوك، كما في "القاموس".
٢ - {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢)}؛ أي: مكتوب على وجه الانتظام. فإنَّ السطر ترتيب الحروف المكتوبة. والمراد به: القرآن أو ألواح موسى. وهو الأنسب بالطور أو اللوح المحفوظ. وقيل: جميع الكتب المنزلة، أو ما يكتبه الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منثورًا. فآخذ بيمينه، وآخذ بشماله. نظيره قوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ