الولد؛ لأنهما كانا السبب في إخراجه من العدم إلى الوجود، وإنما ذكر بعد الوالدين الأقربين؛ لأن الإنسان لا يقدر أن يقوم بمصالح جميع الفقراء، فتقديم القرابة أولى من غيرهم {و} مصروف لـ {اليتامى} المحتاجين، جمع يتيم، وهو من فقد أباه، وهو دون البلوغ، وإنما ذكر اليتامى بعد الأقربين؛ لصغرهم وعجزهم عن التكسب، ولا لهم أحد ينفق عليهم. {و} مصروف لـ {المساكين} المراد بهم ما يشمل الفقراء، وإنما أخرهم؛ لأن حاجتهم أقل من حاجة غيرهم {و} مصروف لـ {ابن السبيل}؛ أي: الغريب المسافر؛ فإنه بسبب انقطاعه عن بلده قد يقع في الحاجة والفقر، فانظر إلى هذا الترتيب الحسن العجيب في كيفية الإنفاق، فالمراد بهذه الآية: من أحب التقرب إلى الله تعالى في باب النفقة .. فالأولى له أن ينفقه في هذه الجهات، فيقدم الأول فالأول في صدقة التطوع.
ثم لما فصل الله هذا التفصيل الحسن الكامل .. أتبعه بالإجمال، فقال تعالى:{وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} مع هؤلاء أو غيرهم طلبًا لوجه الله تعالى ورضوانه {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}؛ أي: عالم به وبنياتكم، فيجازيكم عليه، ويوفي ثوابه لكم.
٢١٦ - ثم قال تعالى مبينًا حكمة مشروعية القتال في الإِسلام:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}؛ أي: فرض وأوجب عليكم - أيها المؤمنون - الجهاد للكفار في أوقات النفير العام مع النبي - صلى الله عليه وسلم - {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}؛ أي: والحال أن القتال شاق عليكم مكروه لكم طبعًا لنفور الطبع عنه؛ لما فيه من مؤنة المال، ومشقة النفس، وخطر الروح والخوف، لا لأنهم كرهوا أمر الله؛ لأن ذلك ينافي كمال تصديقهم؛ لأن معناه كراهة نفس ذلك الفعل ومشقته، كوجع الضرب في الخد، مع كمال الرضا بالحكم والإذعان له.
وهو - أعني كرهًا - مصدر أقيم مقام الوصف للمبالغة، أو هو فعل بمعنى مفعول، كالخبز بمعنى المخبوز، وقرىء بالفتح على أنه لغة فيه كالضُعف والضَعف.
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا}؛ أي: وحق وثبت كراهتكم شيئًا، وهو جميع ما