للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا وكذا، فقال له المشرك: إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت، وأقسم جهد يمينه لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ...} الآية.

وأخرج (١) هؤلاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله: سبَّني ابن آدم، ولم يكن ينبغي له أن يسبني، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني، فأما تكذيبه إياي فقال: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ}، وقلت: {بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا}، وأما سبه إياي فقال: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}، وقلت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)}.

التفسير وأوجه القراءة

٢٤ - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} روي أنه اجتمعت (٢) قريش فقالوا: إن محمدًا رجل حلو اللسان، إذا كلم رجلًا .. ذهب بقلبه، فانظروا ناسًا من أشرافكم، فابعثوهم في كل طريق مكة على رأس ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده .. ردوه عنه، فخرج ناس منهم من كل طريق، فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم .. قالوا له: هو رجل كذاب ما يتبعه إلا السفهاء والعبيد، ومن لا خير فيه، وأما أشياخ قومه وأخيارهم فهم مفارقوه، فيرجعه أحدهم، وإذا كان الوافد ممن هداه الله .. يقول: بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم .. رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل فأنظر ما يقول، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرًا، فذلك قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين طرق مكة من قبل الوفود، أو وفود الحاج في الموسم. {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}؛ أي: أي شيء أنزل ربكم على محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو ما الذي أنزل ربكم على محمد {قَالُوا}؛ أي: قال أولئك المشركون المقتسمون طرق مكة للوافدين الذين سألوهم عن محمد وعما أنزل عليه: {أَسَاطِيرُ


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.