بمعذبين إلا موتتنا الأولى بخلاف الكفار، فإنهم يموتون مثلنا، ثم في جهنم يتمنون الموت كل ساعة، ولا يخفى ما في ذلك من سوء الحال، وقيل لحكيم: ما شر من الموت؟ قال: الذي يتمنى معه الموت.
والخلاصة: أن المؤمن غبط نفسه، بما أعطاه الله من الخلد في الجنة، والإقامة في دار الكرامة، بلا موت فيها ولا عذاب.
وعلم أهل الجنة أنهم لا يموتون فيها، حصل لهم من إخبار الأنبياء لهم في الدنيا بذلك، وبما ذكر في كتابه، نحو قوله تعالى:{لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى}، وفي نفي العذاب عنهم إيماء إلى استمرار النعيم، وعدم خوف زواله، فإن خوف الزوال نوع من العذاب، كما قال:
وإلى نفي الهرم واختلال القوى، لأنه ضرب من العذاب أيضًا.
٦٠ - ثم زاد في تأنيب قرينه وزيادة حسرته، فقال:{إِنَّ هَذَا} الأمر العظيم، الذي نحن فيه من النعمة والخلود والأمن من العذاب {لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} والظفر الجسيم، والسعادة الأبدية، والسلامة السرمدية؛ أي: لهو السعادة والظفر بكل المراد، إذ الدنيا وما فيها تحتقر دونه، كما تحتقر القطرة من البحر المحيط، والحبة من البيدر الكبير، وقرىء {أإن هذا لهو الفوز} بزيادة همزة الاستفهام، قاله في المراح.
والمعنى (١): أي إن هذا الأمر العظيم، والنعيم المقيم، والخلود الدائم الذي نحن فيه، لهو الفوز العظيم، الذي لا يقادر قدره، ولا يمكن الإحاطة بوصفه.
٦١ - وقوله: {لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١)}؛ أي: لنيل هذا المرام الجليل من تمام كلامه؛ أي: لنيل مثل هذا العطاء، يجب أن يعمل العاملون، ويجتهد