أنا ربكم الأعلى، وانتهى أمره بالغرق وصار مثلًا للآخرين.
قوله تعالى:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: لما كانت الآيات الماضية في ذكر الحوار بين موسى وفرعون .. ذكر هنا ما فعل فرعون في مقاومة دعوة موسى، لصد الناس عن اتباعه، باعتبار أنه ساحر، فأحضر السحرة ليقاوموا عمله، ويتغلبوا عليه فيبطلوا حجته.
قوله تعالى:{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ...} الآية، مناسبة هذه الآيات لما قبلها، لما ذكر الله سبحانه وتعالى ما فعله فرعون لمقاومة دعوة موسى .. أردف ذلك بذكر ما كان من بني إسرائيل مع موسى، توطئةً لإخراجهم من أرض مصر.
التفسير وأوجه القراءة
٧١ - {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: واقرأ أيها الرسول على المشركين من أهل مكة وغيرهم، فيما أوعدتهم به من عقاب الله لهم، على مقتضى سننه في المكذبين لرسله من قبلك {نَبَأَ نُوحٍ}؛ أي: بعض خبر نوح وقصته مع قومه، الذين هم أشباه قومك في العناد، ليصير داعيًا إلى مفارقة الإنكار للتوحيد والنبوة {إِذْ قَالَ} نوح؛ أي: حين قال {لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ}؛ أي: شق عليكم وثقل {مَقَامِي} فيكم؛ أي: قيامي فيكم بالدعوة إلى عبادة ربكم، أو مكثي فيكم مدة طويلة {وَتَذْكِيرِي}؛ أي: مع وعظي إياكم {بِآيَاتِ} التكوينية والتنزيلية الدالة على وحدانيته، ووجوب عبادته، فالواو بمعنى: مع، والمعنى: إن كان عظم عليكم مكثي بينكم مع تذكيري بآيات الله {فَعَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى لا على غيره {تَوَكَّلْتُ} واعتمدت ووثقت به وفوضت أمري إليه، وهذه الجملة جواب الشرط، والمعنى: إني لا أقابل ذلك منكم إلا بالتوكل على الله، فإن ذلك دأبي الذي أنا عليه قديمًا وحديثًا. ويجوز أن يكون جواب الشرط {فَأَجْمِعُوا} وجملة {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ} اعتراض كقولك: إن كنت أنكرت عليّ شيئًا فالله حسبي.
والمعنى عليه: يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي فيكم .. فإنني قد وكلت أمري إلى الله الذي أرسلني، واعتمدت عليه وحده، بعد أن أديت رسالته بقدر