{نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: نجزي كل محسن، بامتثال الأمر، تعليل لتفريج تلك الكربة عنهما بإحسانهما، قال مقاتل: جزاه الله سبحانه، بإحسانه في طاعته، العفو عن ذبح ابنه.
والمعنى (١): أي إنا كما عفونا عن ذبحه لولده، بعد استبانة إخلاصه في عمله حين أعد العدة، ولم تتغلب عليه عاطفة البنوة، فرضي بتنفيذ القضاء منقادا صاغرا، نجزي كل محسن على طاعته، ونوفيه من الجزاء ما هو له أهل، وبمثله جدير.
١٠٦ - ثم ذكر عظيم صبره على امتثال أمر ربه، مع ما فيه من كبير المشقة في مجرى العادة، فقال:{إِنَّ هذا} الذبح المأمور به {لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ}؛ أي: لهو الابتلاء البيّن الظاهر، والذي يتميز فيه المخلص من غيره، أو إن هذا لهو المحنة البينة الصعوبة، التي لا محنة أصعب منها، والمعنى؛ أي: إن هذا الذي كان، لهو محنة أيما محنة، واختبار لعباده لا يعدله اختبار، ولله سبحانه أن يبتلي من شاء من عباده بما شاء من التكاليف، قد تخفى علينا أسرارها وحكمها، وهو العليم بها، وبما لأجله شرعها.
وقيل المعنى: إن هذا الفداء الآتي لهو النعمة الظاهرة، حيث سلم الله ولده من الذبح، وفداه بالكبش، يقال: أبلاه الله إبلاء وبلاء إذا أنعم عليه، والأول أولى، وإن كان الابتلاء يستعمل في الاختبار بالخير والشر، ولكن المناسب للمقام المعنى الأول، فقال أبو زيد: هذا في البلاء الذي نزل به، في أن يذبح ولده، قال: وهذا من البلاء المكروه.
١٠٧ - {وَفَدَيْناهُ}؛ أي: وفدينا إسماعيل {بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}؛ أي: بمذبوح عظيم الشأن، متقبل عند الله تعالى. قيل: معناه: بكبش سمين اسمه جرير، وهو الكبش الذي تقرب به هابيل إلى الله تعالى، فقبله، وكان في الجنة يرعى، حتى فدى الله تعالى به إسماعيل، وقال السدي: نودي إبراهيم فالتفت، فإذا هو بكبش أملح