للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ (١) الحِرْمِيَّان وابنُ عامر وحفص {لَرَءُوفٌ} مهموزًا على وزن فَعُول بالمد، حيث وقع في القرآن. قال الشاعر:

نُطِيْعَ رَسُوَلَنَا وَنُطِيْعُ رَبًّا ... هُوَ الرَّحْمَنُ كَانَ بِنَا رَؤُوْفَا

وقرأ باقي السبعة: {لرؤف} مهموزًا بالقصر على وزن فعل. وقرأ أبو جعفر ابن القعقاع: {لروف} مثقّلًا بغير همز. و {الرءوف}: كثير الرأفة، وهي أشد من الرحمة (٢)، وقيل: الرأفة أخص من الرحمة، وقيل: الرأفة الرحمة، وقيل في الفرق بين الرأفة والرحمة: أن الرأفة: مبالغة في رحمة خاصة، وهي دفع المكروه، وإزالة الضرر، وأما الرحمة: فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى، ويدخل فيه أيضًا جميع الإفضال والإنعام، فذكر الله الرأفة أولًا؛ بمعنى أنه لا يضيع أعمالهم، ثم ذكر الرحمة ثانيًا؛ لأنها أعم وأشمل.

١٤٤ - {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} قال القرطبي في "تفسيره": قال العلماء: هذه الآية مقدمة في النزول على قوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} و {قد} هنا للتحقيق، أو للتكثير؛ أي: حقًّا نرى تحول وجهك إلى السماء، وتردد نظرك في السماء طالبًا قبلة غير التي أنت مستقبلها، أو كثيرًا نرى تصرف نظرك في جهة السماء انتظارًا وتطلعًا للوحي؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يترجى من ربه أن يحوله إلى الكعبة؛ لأنها قبلة إبراهيم أبيه، وأَدْعَى للعرب إلى الإيمان؛ لأنها مفخرة لهم، ولمخالفة اليهود، فكان ينتظر نزول جبريل بالوحي بالتحويل، وذلك يدل على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}؛ أي: فلَنحولنك في الصلاة إلى قِبْلةٍ تحبها وتهواها لأغراضك الصحيحة التي أضمرتها في قلبك {فَوَلِّ وَجْهَكَ}؛ أي: فاصرف جملة بدنك {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}؛ أي: تلقاء الكعبة، وفي حرف (٣) عبد الله شذوذًا: {فول وجهك تلقاء المسجد الحرام}؛ أي: استقبل عينها بصدرك في الصلاة إن كنت قريبًا، واستقبل جهتها


(١) البحر المحيط.
(٢) الخازن.
(٣) حرف: قراءة.