التوبيخي؛ أي: لا تقولوا على الله ذلك. وفي الآية دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة، وإن العقائد الدينية لا بد فيها من دليل قاطع، وأن التقليد فيه غير سائغ.
٦٩ - ثم أمر الله سبحانه وتعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أن يقول لهم قولًا يدل على أنَّ ما قالوه كذب، وأن من كذب على الله لا يفلح، فقال:{قُلْ} لهم يا محمَّد ليتبين لهم سوء عاقبتهم {إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ} ويختلقون {عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} بنسبة الشركاء إليه أو باتخاذه ولدًا لنفسه، أو بدعوى أن الأولياء يطلعون على أسرار خلقه، ويتصرفون في ملكه {لَا يُفْلِحُونَ}؛ أي: لا يفوزون بالتمتع بالنعيم بشفاعة الولد، أو الشركاء الذين اتخذوهم له تعالى ولا ينجون من عذاب الآخرة. والمعنى: إن هؤلاء الذين يكذبون على ربهم، لا يفوزون بمطلب من المطالب، ولا يسعدون، وإن اغتروا بطول السلامة، والبقاء من النعمة، والمعنى: إن قائل هذا القول لا ينجح في سعيه، ولا يفوز بمطلوبه، بل خاب وخسر.
٧٠ - ثم بين سبحانه: أن هذا الافتراء وإن فاز صاحبه بشيء من المطالب العاجلة، فهو متاع قليل في الدنيا، ثم يتعقبه الموت والرجوع إلى الله، فيعذب المفتري عذابًا مؤبَّدًا، فقال:{مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا}؛ أي: حياتهم متاع قليل في الدنيا، ثم لا بد من الموت {ثُمَّ} بعد الموت {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ}؛ أي: رجوعهم إلينا بالبعث لا إلى غيرنا {ثُمَّ} بعد الرجوع إلينا {نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}؛ أي: بسبب كونهم كافرين فأين هم من الفلاح.
والمعنى: أي هؤلاء لهم متاع في الدنيا حقير يتلهون به في حياة قصيرة هي: الحياة الدنيا إذ مهما يبلغ هذا المتاع من العظمة ككثرة مال أو عظم جاء فهو قليل بالنسبة إلى ما أعد الله تعالى في الآخرة للصادقين المتقين، ثم يرجعون إلى ربهم بالبعث بعد الموت وما فيه من أهوال الحشر والحساب، فيذيقهم العذاب الشديد، بسبب كفرهم بآياته، وبالافتراء عليه وتكذيب رسله، بعد أن قامت عليهم الحجة. وفي الآية إيماء إلى أن ما يظن أنه فلاح بالحصول على