للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومآله بعضكم يا ذرية آدم عدو لبعض، أو المعنى (١): انزلا من الجنة إلى الأرض، أنتما عدو لإبليس وذريته، وإبليس عدوكما وعدو ذريتكما.

وفي "التأويلات النجمية": يشير (٢) إلى أنه جعل فيما بينهم العداوة، لئلا يكون لهم حبيب إلا هو، كما قال تعالى عن إبراهيم - عليه السلام -: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)} ولما اختص آدم منهم بالاجتباء والاصطفاء، وأهبطه إلى الأرض معهم للابتلاء .. وعده بالاهتداء فقال: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ}؛ أي: فإن يأتكم يا ذرية آدم وحواء {مِنِّي هُدًى}؛ أي: هادٍ من كتاب ورسول، والأصل: فإن يأتكم و {ما}: مزيدة لتأكيد معنى الشرط و {ما} هذه مثل لام القسم في دخول النون المؤكدة معها، وإنما جيء بكلمة الشك، وهي {إن} الشرطية إيذانًا بأن إتيان الهدى بطريق الكتاب والرسول، ليس بقطعي الوقوع، وأنه تعالى إن شاء .. هدى وإن شاء .. ترك، لا يجب عليه شيء، ولك أن تقول: إتيان الكتاب والرسول لما لم يكن لازم التحقق والوقوع أبرز في معرض الشك، وأكد حرف الشرط والفعل بالنون، دلالةً على رجحان جهة الوقوع والتحقق.

{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ}؛ أي: فمن آمن بالكتاب، وصدق بالرسول {فَلَا يَضِلُّ} في الدنيا عن طريق الدين القويم ما دام حيًا {وَلَا يَشْقَى}؛ أي: لا يذل في الآخرة بالعذاب الدائم

١٢٤ - {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي}؛ أي: عن الكتاب الذاكر لي، والرسول الداعي إلى، والذكر يقع على القرآن وغيره من كتب الله تعالى {فَإِنَّ لَهُ} في هذه الدنيا {مَعِيشَةً ضَنْكًا}؛ أي: معيشةً ضيقةً، لما يكون فيه من القلق والحرص على الدنيا، والتهالك على ازديادها، والخوف من انتقاصها، فترى الشح غالبًا عليه، والبخل راسخاً في أعراقه، بخلاف المؤمن الطالب للآخرة، مع أنه قد يضيِّق الله عليه بشؤم الكفر، ويوسع بركة الإيمان, وقرىء {ضنكى} بضم الضاد على وزن فعلى، وقرأ الحسن {ضنكى} بألف التأنيث بلا تنوين، وبالإمالة على وزن فعلى كسكرى، وقرأ الجمهور {ضَنْكًا} بالتنوين وفتح الكاف فتحة إعراب.


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.