وجعلنا محلاتهم من الأرض بحيرة ذات ماء رديء الطعم، منتن الريح.
١٣٧ - {وَإِنَّكُمْ} يا أهل مكة {لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ}؛ أي: على قربات ديار قوم لوط المهلكين ومنازلهم سدوم، وعمورًا، وصبورًا، ودادوما في متاجركم إلى الشام، وتشاهدون آثار هلاكهم. فإن سدوم أعظم قراهم في طريق الشام، وهو قوله تعالى: {وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦)}. وقوله:{مُصْبِحِينَ} حال من فاعل {تمرون}؛ أي: حال كونكم داخلين في الصباح.
١٣٨ - {وَ} ملتبسين {بِاللَّيْلِ}؛ أي: مساءً. ولعلها وقعت بقرب منزل يمر به المرتحل عنه صباحًا، والقاصد له مساء. ويجوز أن يكون المعنى: نهارًا وليلًا، على أن يعمم المرور للأوقات كلها من الليل والنهار، ولا يخصص بوقتي الصباح والمساء.
والمعنى: أي وإنكم لتمرون عليهم، وأنتم مسافرون إلى الشام حين الصباح، أو أول الليل، فترون آثار ديارهم التي عفت وأصبحت خرابًا يبابًا، لا أنيس فيها، ولا جليس، ولا ديار، ولا نافخ نار.
والهمزة في قوله:{أَفَلا تَعْقِلُونَ} للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير؛ أي: أفتشاهدون ذلك فلا تعقلون حتى تعتبروا به، وتخافوا أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فإن من قدر على إهلاك أهل سدوم، واستئصالهم بسبب كفرهم وتكذيبهم، كان قادرًا على إهلاك كفار مكة، واستئصالهم لاتحاد السبب ورجحانه؛ لأنهم أكفر من هؤلاء، وأكذب كما يشهد به قوله تعالى:{أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ}. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لأبي جهل:«إن هذا أعتى على الله من فرعون». فعلى العاقل: أن يعتبر، ويؤمن بوحدانية الحق، ويرجع إلى أبواب فضله وكرمه ورحمته، ويؤدب عجوز نفسه الأمارة، ويحملها على التسليم والامتثال كي لا تهلك مع أهل القهر والجلال.
القصة السادسة: قصة يونس عليه السلام
١٣٩ - {وَإِنَّ يُونُسَ} بن متى بالتشديد، وهو اسم أبيه أو أمه. وفي «كشف الأسرار»: اسم أبيه متى، واسم أمه تنجيس. كان يونس من أولاد هود عليه